عرض مشاركة واحدة
 
  #27  
قديم 09-16-2010
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: النكات البلاغية في ايراد الصفات الثنائية

السلام ورحمة الله وبركاته
ولنبدأ بورود "التوّاب " مفردًا نكرة كما جاء في سورة النصر:" فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ",هذه الآية من سورة النصر وكما قال جلُّ العلماء أنه فيها نُعيت للرسول نفسه, وقد بكى أبو بكر الصديق عندما سمعها من الرسول عليه الصلاة والسلام لأنه فهم منها دنو أجل الرسول عليه الصلاة والسلام.
الخطاب كان للرسول عليه الصلاة والسلام وقد أمره الله بثلاثة أمور وهي :التسبيح والحمد والإستغفار,فالتسبيح التنزيه لا التلفظ بكلمة سبحان الله، والباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال والحمد مضاف إلى المفعول والمعنى على الجمع بين تسبيحه تعالى وهو تنزيهه سبحانه عما لا يليق به عز وجل من النقائص وتحميده وهو إثبات ما يليق به تعالى من المحامد له لعظم ما أنعم سبحانه به عليه عليه الصلاة والسلام، وقيل أي نزهه تعالى عن العجز في تأخير ظهور الفتح واحمده على التأخير وصفه تعالى بأن توقيت الأمور من عنده ليس إلا لحكمة لا يعرفها إلا هو عز وجل وهو كما ترى، وأيد ذلك بما في «الصحيحين» عن مسروق عن عائشة " قالت كان رسول الله يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي يتأول القرآن " تعني هذا مع قوله تعالى: "وَٱسْتَغْفِرْهُ " أي اطلب منه أن يغفر لك وكذا بما في «مسند الإمام أحمد» و«صحيح مسلم» عن عائشة أيضاً قالت " كان رسول الله يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده استغفر الله وأتوب إليه وقال إن ربـي كان أخبرني أن سأرى علامة في أمتي وأمرني إذا رأيتها أن أسبح بحمده واستغفره " الخ وروى ابن جرير من طريق حفص بن عاصم عن الشعبـي عن أم سلمة " قالت كان رسول الله في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال سبحان الله وبحمده قال إني أمرت بها وقرأ السورة " وهو غريب وفي «المسند» عن أبـي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال " لما نزلت على رسول الله " إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ" كان يكثر إذا قرأها وركع أن يقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ثلاثاً".
تذييل للكلام السابق كله وتعليل لما يقتضي التعليل فيه من الأمر باستغفار ربه باعتبار الصريح من الكلام السابق .
وقد اشتملت الجملة على أربع مؤكدات هي: إنّ، وكانَ، وصيغة المبالغة في التوّاب، وتنوين التعظيم فيه.
وحيث كان توكيد بــــ (إنَّ) هنا غير مقصودٍ به ردُّ إنكار ولا إزالة تردد إذ لا يفرضان في جانب المخاطب فقد تمحض (إنَّ) لإفادة الاهتمام بالخبر بتأكيده.
وقد تقرر أن من شأن (إنَّ) إذا جاءت على هذا الوجه أن تغني غَناء فاء الترتيب والتسبب وتفيد التعليل وربط الكلام بما قبله كما تفيده الفاء، وقد تقدم غير مرة، منها عند قوله تعالى:" إنك أنت العليم الحكيم".
فالمعنى: هو شديد القبول لتوبة عباده كثير قبوله إياها.
وقال ابن عاشور:" ومقتضى الظاهر أن يقال: إنه كان غفّاراً، كما في آية:"فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارا" ًفيُجرى الوصف على ما يناسب قوله: " وَٱسْتَغْفِرْهُ "، فعُدل عن ذلك تلطفاً مع النبي بأنَّ أمره بالاستغفار ليس مقتضياً إثبات ذنب له لما علمت آنفاً من أن وصف (تواب) جاء من تاب عليه الذي يستعمل بمعنى وفقه للتوبة إيماء إلى أن أمره بالاستغفار إرشاد إلى مقام التأدب مع الله تعالى، فإنه لا يُسأل عما يفعل بعباده، لولا تفضله بما بيَّن لهم من مراده، ولأن وصف (توّاب) أشد ملاءمة لإقامة الفاصلة مع فاصلة " أَفْوَاجاً " لأن حرف الجيم وحرف الباء كليهما حرف من الحروف الموصوفة بالشدة، بخلاف حرف الراء فهو من الحروف التي صفتها بين الشدة والرِّخوة".اهـ
وأما "تواب" مقرونًا باسم "حكيم" فقد جاء في آية واحدة من سورة النور :
1." ." وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ ",هذه هي الآية الوحيدة التي اقترن اسمه "التواب" باسمه "الحكيم",على غير اقترانه "بالرحيم",فما هي النكتة البلاغية في ذلك؟.
الملاحظ من سياق الآيات التي سبقت هذه الآية كانت في بيان أحكام شرعية بما يتعلق بقذف المحصنات والملاعنة بين الزوجين,فالأمر هنا أمر أحكام ,والأحكام يلزمها حكيم خبير وهو الله سبحانه وتعالى,فهويحكم الأمور فيمنعها من الفساد بما يعلم من عواقب الأمور.,فاقتضى السياق اقتران اسمه "التوّاب" باسمه "الحكيم".
قال ابن عاشور:"تذييل لما مر من الأحكام العظيمة المشتملة على التفضل من الله والرحمة منه، والمؤذنة بأنه تواب على من تاب من عباده، والمنبئة بكمال حكمته تعالى إذ وضع الشدة موضعها والرفق موضعه وكف بعض الناس عن بعض فلما دخلت تلك الأحكام تحت كلي هذه الصفات كان ذكر الصفات تذييلاً".اهـ
كما ونلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد ذكر في سياق الآية فضله و رحمته,حيث قال:" وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ",فصفة الرحمة قد وُجدت فلذلك ذيّل الآية باسمه الحكيم.
__________________
رمضان أسم حروفه ناصعة=فالراء رحمة من الله واسعة
وميمه مغفرة منه جامعة=والضاد ضياء جنة رائعة
والألف احسان وألفة ماتعة=ونونه نُزل الصائمين ناعمة
رد مع اقتباس