عرض مشاركة واحدة
 
  #3  
قديم 02-12-2011
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: رسائل البريد والوقت والقراءة


التاريخ: Wed, 9 Feb 2011 02:18:05 +0300
من: mailinglist@lahaonline.com

الى: nl-69@maktoob.com

الموضوع: لها أون لاين-علاقة وهمية "الرسالة الأسبوعية 117"

الأخ الكريم / الأخت الكريمة :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
أرجو أن تكونوا أنتم ومن تحبون على أحسن حال ، وبعد :

علاقة وهمية

يقول أحد الدعاة : لقيني رجل في العقد الثامن من عمره وقال لي : ورثت من جدي مبلغاً كبيراً من المال، لا أدري ماذا أصنع به، فقد كبر أولادي ، وشقوا طريقهم في الحياة ، ولدي منزل جيد، وكل أموري في حالة حسنة، فما الذي أصنعه بهذا المال ؟

يقول الداعية : قلت له : قدِّمه لآخرتك : ابنِ مسجداً ، اكفل أيتاماً ، أنشئ وقفاً ... فما كان من الرجل إلا أن قال : وهل أنا مخبول حتى أفعل ما تقول ؟!.

قال الداعية : أنت قلتَها فأنت عاجز عن الانتفاع بمالك في أي شيء من أمور دنياك وآخرنك ،و من تكون هذه حاله، فماذا يكون؟! .

السؤال الذي يطرح نفسه هو : إذا أخذنا معيار ذلك الداعية ، وطبقناه على أوضاع الأثرياء الكبار في عالمنا الإسلامي، فكم ستكون نسبة الناجين من ـ مع شديد الاعتذار ـ من الخبل ؟

نحن نعرف أن الإنسان سوف يُسأل عن المال مرتين : مرة عن طريقة اكتسابه والحصول عليه ومرة عن طريقة إنفاقه ، ومن هنا فإن الخسارة ستكون فادحة جداً بالنسبة إلى من كسب المال من حرام،ولم يستفيد منه بأي وجه من وجوه الاستفادة . إن ملكيتنا للمال ليس لها أي معنى إذا لم نستطع الاستفادة منه في دنيانا أو آخرتنا ، وقد وضَّح ذلك نبيناـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبلغ عبارة حين قال : (( يقول ابن آدم مالي ، مالي ، وهل لك يا ابن آدم ! من الك إلا ما أكلتَ فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقتَ، فأمضيت ؟ (رواه مسلم)

إن عقولنا مفطورة على التفكير في الماهيات ، وإغفال شأن العلاقات مع أن العلاقات تؤثِّر في الماهيات إلى درجة نستطيع أن نقول معها في بعض الأحيان : إن الشيء هِبة علاقاته .

حين يكون المرء في حاجة إلى عشرين ألفاً في الشهر حتى يعيش حياة مريحة ومرفَّهة ، ثم يأتيه ثلاثمئة ألف كلَّ شهر، فكيف تكون علاقته بما زاد عن متطلبات رفاهيته ؟

إن علاقته حينئذ تكون وهمية : أرقام تدخل ، وأرقام تخرج ، والأثرياء ا جداً لا يستطيعون حتى رؤية تلك الأرقام ، ومتابعتها ! .

تنشأ العلاقة الحقيقية بأموالنا حين نبذلها في بر الوالدين أو صلة رحم أو تفريج كربة مكروب أو إنشاء وقف لله ؛ تعالى ... .

علاقتنا بأموالنا وهمية ، وحين ننفقها على مسراتنا تصبح مؤقَّتة ، وإذا بذلناها في سبيل الله تحولت تلك العلاقة إلى علاقة أبدية ، حيث نلمس آثارها في دار الكرامة .

فهل من متأمل ، وهل ينجم عن التأمل شيء عملي ؟ .

وإلى أن ألقاكم في رسالة قادمة

أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

محبكم د.عبد الكريم بكار

في 28/2/ 1432هـ

التعليق على الرسالة

-----------------------------------------------

جديد الأنشطة ...

" يسر خدمة جوال الدكتور عبد الكريم بكار أن ترحب بكم حيث ستصل إليكم رسائل يومية حول الارتقاء بالذات والنجاح والحياة الأسرية، وتربية الأبناء ومنهجية التفكير والتقدم الحضاري"

للإشتراك يمكن إرسال (1) إلى :

الاتصالات السعوديه:810204

زين:705665
--------------------------------------
جديد المقالات...

مابين تونس والصومال

أستطيع أن أقول : إن تاريخ العرب والمسلمين قد توقف خلال الأيام الماضية في تونس ، حيث أمكن التخلص من نظام حديدي مستبد بسرعة البرق وبأقل خسائر ممكنة ، والحقيقة أن ما جرى في تونس الخضراء بالنسبة إلينا يشكل فاصلاً في التاريخ يشبه الفاصل الذي أحدثته تفجيرات أيلول في أمريكا ، بل إن ما حدث في تونس أعظم دلالة ، لأنه قدم نموذجاً في التغيير والإصلاح لم تره الأجيال الثلاثة الأخيرة من العرب . وبما أن الضد أقرب خطورةً ف البال ـ كما يقولون ـ فقد قفز إلى ذهني النموذج الذي يتبعوه الصوماليون في التعامل مع مشكلاتهم وإدارة شؤونهم ، وهذه ملاحظات سريعة حول هذا النموذج وذاك :

1ـ يقوم النموذج التونسي على أساس نبذ العنف في الإصلاح والتغيير ، مع أننا كنا نتمنى ألا يتم تخريب أي شيء من الممتلكات، وألا تراق أية قطر دم، لكن يبدو أن الذي حصل لا بد أن يحصل شيء منه مع أي ثورة خضراء أو وردية ( كثورة الياسمين ). نبذ العنف يعني ألا يُستخدم السلاح أداة أساسية في تحقيق المطالب ، ويعني تحمل الأذى ، وهذا ما حدث، فمعظم الذين قضوا أثناء الاحتجاجات قضوا بسبب رصاص القناصة الذين نشرهم النظام البائد عل أسطح المباني .

2- يقوم النموذج التونسي أيضاً على أساس أن المجتمع يمتلك ما يحتاج من القوة لتحقيق مطالبه دون أن يحمل السلاح ، وهذه النظرة صحيحة جداً فالأمم العظيمة تملك مجتمعات واعية وغنية بالمؤسسات والهيئات والمنظمات التي تساعدها على توليد حركات احتجاجية متناسقة في إطار السلم الأهلي .

3ـ يؤمن النموذج التونسي بالإصلاح المتدرج ، كما يؤمن بأن تغيير النظم والقوانين هو الأساس في تغيير الحياة العامة ، لذلك فإننا نجد أن الشعب التونسي يطالب بتغيير الدستور ، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة .

أما النموذج الصومالي فيقوم على عدد من المفاهيم الجوهرية ، منها :

الكلمة الأولى والأخيرة للسلاح ، والقوة الغاشمة ، فإذا كنتَ قوياً بما يكفي استطعت أن تسبط هيمنتك وسلطاتك على من لا يملك القوة .

لا يثق النموذج الصومالي بالناس ، ولا يرى الاحتكام إليهم ، لأن القائمين على الاقتتال هناك ،لا يقيمون أي وزن للناس وآرائهم ، ولا يؤمنون بتنظيم المجتمع ، كما لا يؤمنون بجدوى التفاوض مع المخالفين ولا بجدوى بناء الأرضيات المشتركة مع الخصوم ، ولهذا فإن الصراع المسلح الناشب في الصومال ليس بين إسلاميين وملحدين، ولا بين ليبراليين ويساريين ، إنه بين إسلاميين وإسلاميين بامتياز .

لا يهتم النموذج الصومالي بالتنمية وتحسين الأحوال المعيشية للناس، حيث يؤمن الفرقاء المتناحرون هناك بأنه ما دام المرء يدعو إلى شيء صحيح وجيد ـ في نظرهم طبعاً ـ فإن على الناس أن يتحملوا ، ويدفعوا الثمن ، وليس من المهم إن كان الثمن هو نزوح الملايين عن ديارهم ، أو كان الثمن سمعة عالمية سيئة ، حيث لا يكاد يُذكر الصوماليون في الأخبار إلا في سياق القرصنة والاعتداء على الملاحة العالمية ! .

وبعد :

فإن من الواضح ـ لديَّ على الأقل ـ أن النموذج الصومالي هو نموذج بلا أفق ولا مستقبل ، لأن الإنسان يستخدم القتال من أجل تحقيق غايات سياسية أو اقتصادية ، فإذا غابت تلك الغايات أو لم تكن منطقية وواقعية ، فإن القتال يحل محلها ، ويصبح وكأنه غاية ، وحينئذ فإن البلد كله يصبح مرتعاً للمنافسات الدولية وتجار الأسلحة ، ويخوض حرباً أهلية لا نهاية لها .

أما النموذج التونسي، فأعتقد أنه أقرب إلى الرؤية الإسلامية في التغيير والإصلاح للأسباب التالية :

لا يكون الاقتتال بين المسلمين في القطر الواحد جهاداً ، وإنما هو فتنة ، المضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد خير من الواقف .

في استخدام السلاح تحكم لمجموعات صغيرة بمصائر باقي الناس ، وهذا ينافي مبدأ الشورى والبيعة في اختيار الحكومة .

مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يستحث كل مسلم أن يشارك في نشر الخير ومحاصرة الشر بما لا يؤدي إلى مفاسد أكبر ، ولهذا فإن الدولة المسلمة مطالبة بتوفير الإطار القانوني الذي يسمح لكل الفرقاء في المجتمع بالتعبير عن آرائهم ومصالحهم في إطار الثوابت والكليات ، وهذا يعني إثراء المجتمع بأعداد هائلة من المؤسسات التي يمكن استخدامها في الإصلاح دون اللجوء إلى العنف .

والله من وراء القصد .

د . عبد الكريم بكار

في 22/ 2/ 1432



يدون أي تعديل
رد مع اقتباس