عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 01-07-2010
نائل أبو محمد نائل أبو محمد غير متواجد حالياً
عضو بناء
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 6,651
افتراضي رد: قرأت لك : ذكرى لخير امة أخرجت للناس

خير أمة أخرجت للناس

خير أمة أخرجت للناس هي أمة محمد ، وهم كل من آمن برسالته وصدقه واتبعه، منذ أن بعثه الله  إلى أن ينتهي الإسلام من الأرض. والدليل على هذا الكتاب والسنة:
أما الكتاب فقوله تعالى: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ. روى البخاري عن أبي هريرة: "كنتم خير أمة أخرجت للناس" قال: "خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام". وكأن أبا هريرة  بنى كلامه هذا على حديثه المرفوع عند البخاري عن النبي  قال: "عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل"، والمعنى أنهم يدخلون الإسلام كما قال أبو هريرة الذي يكون سبباً في دخولهم الجنة، فيكون أسرهم سبب دخولهم الإسلام ودخولهم في الإسلام سبب في دخولهم الجنة.
ومن الكتاب أيضاً قوله : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً... وقوله سبحانه: هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ. روى البخاري عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : "يجيء نوح وأمته فيقول الله تعالى: هل بلغت فيقول نعم أي رب. فيقول لأمته: هل بلغكم فيقولون لا ما جاءنا من نبي. فيقول لنوح: من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته. فنشهد أنه قد بلغ. وهو قوله جل ذكره: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ. والوسط العدل". وفي رواية عند أحمد صححها الزين عن أبي سعيد: قال: قال رسول الله : "يجيء النبي يوم القيامة ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم هذا؟ فيقولون لا. فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول نعم. فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته. فيدعى محمد وأمته فيقال لهم: هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون نعم. فيقال وما علمكم؟ فيقولون جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا. فذلك قوله : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً، قال عدلاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً". وفي رواية صحيحة عند أحمد أيضاً عن أبي سعيد الخدري عن النبي  قال: "الوسط العدل جعلناكم أمة وسطا". فهذا رسول الله  يفسر الوسط بالعدل فلم يبق مجال للقول بأن المراد التوسط بين شيئين، كالتوسط بين الإفراط والتفريط أو بين التشدد والتساهل. ووجه الاستدلال في هذه الآية على الخيرية لهذه الأمة، هو أن الله سبحانه قبلها شاهدة للأنبياء على أممهم الجاحدة المنكرة، وهذه مرتبة لم تشاركها فيها أمة من الأمم فكانت خير أمة إذ شهد الله لها بالعدالة.
أما الأدلة من السنة فما رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة والحاكم واللفظ له وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وصححه الذهبي عن بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده أنه سمع النبي  في قول الله : كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ قال: "أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله ". وتفرد أحمد بإسناد حسنه ابن كثير عن علي يقول قال رسول الله : "أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء. فقلنا يا رسول الله ما هو؟ قال: نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي طهوراً وجعلت أمتي خير الأمم". وفي حديث أبي هريرة المتفق عليه عن النبي  قال: "نحن الآخرون الأولون يوم القيامة نحن أول الناس دخولاً الجنة ..." الحديث. والمعنى أننا الآخرون في الدنيا الأولون دخولاً الجنة يوم القيامة. وهذه ميزة وفضيلة على سائر الأمم حتى المؤمنين منهم، ولو لم نكن أفضل لكان ترتيبنا في الآخرة كترتيبنا في الدنيا، أي لكنا آخر من يدخل الجنة. والكلام هنا عن الأمة كأمة أي بجملتها، ولا ينافي هذا أن بعض الأفراد منها يدخلون النار ثم يخرجون منها ويدخلون الجنة بعد الناس. أي أنهم مستثنون من عموم الأمة.
والخير في هذه الأمة ليس مقصوراً على أولها، بل إن في آخرها خيراً أيضاً، ولا خلاف بين المسلمين في هذا، وإن اختلفوا في التسوية بين أولها وآخرها فذهب الجمهور إلى عدمها وخالف ابن عبد البر فذهب إلى التسوية، محتجاً بحديث إن مثل أمتي كمثل المطر ... الحديث وسيأتي. ونحن لا يلزمنا هنا سوى إثبات الخير في آخر الأمة دون الخوض في التفضيل، فيكفينا أن يكون فينا خير، والأدلة على هذا الكتاب والسنة:
أما الكتاب فقوله تعالى في سورة الواقعة: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ{10} أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ{11} فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{12} ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ{13} وَقَلِيلٌ مِّنَ الْآخِرِينَ قال الحسن وابن سيرين وابن كثير الجميع من هذه الأمة. وقوله سبحانه في نفس السورة: وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ{27} فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ{28} وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ{29} وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ{30} وَمَاء مَّسْكُوبٍ{31} وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ{32} لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ{33}
وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ{34} إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء{35} فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً{36} عُرُباً أَتْرَاباً{37} لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ{38} ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ{39} وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ. قال ابن جرير بإسناده عن ابن عباس: " ثلة من الأولين. وثلة من الآخرين. قال: قال رسول الله : "هما جميعاً من أمتي"".
وأما السنة فقوله : "إن مثل أمتي كمثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره" هذا الحديث أخرجه أحمد عن أنس بإسناد حسن وقيل صحيح. وابن حبان في الصحيح عن عمار. والبزار عن عمران بن حصين وقال: لا نعلمه يروى عن النبي  بإسناد أحسن من هذا. والقضاعي في مسند الشهاب عن ابن عمر، وابن عبد البر في التمهيد وقال: "روي من حديث أنس وحديث عبد الله بن عمرو بن العاصي من وجوه حسان ... وهذه الأحاديث تقتضي مع تواتر طرقها وحسنها التسوية بين أول هذه الأمة وآخرها". وقال الحافظ في الفتح: "واحتج ابن عبد البر بحديث مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره. وهو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة".
ومن السنة أيضاً حديث أبي جمعة قال: "تغدينا مع رسول الله  ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال يا رسول الله أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك، قال نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني". رواه أحمد والدارمي والطبراني والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وقال الحافظ في الفتح إسناده حسن.
وحديث أبي عبيدة بن الجراح عند ابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي عن النبي  "أنه ذكر الدجال فحلاه بحلية لا أحفظها، قالوا يا رسول الله قلوبنا يومئذ كاليوم؟ قال: أو خير".
وحديث جبير بن نفير عند الحاكم وصححه وابن أبي شيبة بإسناد حسنه الحافظ في الفتح قال: "لما اشتد جزع أصحاب رسول الله  على من قتل يوم مؤتة قال رسول الله : ليدركن الدجال قوماً مثلكم أو خيراً منكم ثلاث مرات، ولن يخزي الله أمة أنا أولها وعيسى بن مريم آخرها".
وحديث عمران بن حصين أن رسول الله  قال: "لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم الدجال" الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي وأحمد بإسناد صححه الزين عن عمران بن حصين أن رسول الله  قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق، ظاهرين على من ناوأهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وينزل عيسى بن مريم ". هذا الحديث مروي عن المغيرة ومعاوية وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وثوبان وعقبة بن عامر وسعد بن أبي وقاص، وهو حديث صحيح متواتر كما قال ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم. وإنما اخترنا حديث عمران بن حصين لتصريحه بأن هذه الطائفة تكون موجودة عند خروج الدجال ونزول عيسى ، وهذا يعني أنهم يكونون قبيل الساعة أو قريباً منها كما ورد في بعض طرق الحديث. وفي حديث المغيرة المتفق عليه وحديث ثوبان وإحدى طرق حديث معاوية: "حتى يأتيهم أمر الله". والذي يعنينا هنا هو إثبات الخير في آخر هذه الأمة، وحديث الطائفة المتواتر يدل دلالة قطعية على وجود الخير في الأمة آخر الزمان أي في آخرها. أما من هم الذين يكوّنون هذه الطائفة فليس هذا من غرضنا هنا.
وحديث الغرباء وقد عده السيوطي من المتواتر في شرح التقريب ومن طرقه عند الترمذي وقال حسن صحيح عن زيد بن ملحة  أن رسول الله  قال: "إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها، وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأرويّة من رأس الجبل. إن الإسلام بدأ غريباً ويرجع غريباً فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسده الناس من بعدي من سنتي". ومن حديث عبد الله بن عمرو عند أحمد بإسناد صحيح قال قال رسول الله : "طوبى للغرباء، طوبى للغرباء، فقيل من الغرباء يا رسول الله؟ قال: ناس صالحون في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم". ولفظ هذا الحديث عند مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله : "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً فطوبى للغرباء". هؤلاء الغرباء ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم، ويصلحون ما أفسد الناس من سنته  أي طريقته في العيش وهي الإسلام. ولم تفسد هذه السنة بشكل كامل تقريباً إلا بعد هدم الخلافة وتحول الناس في حياتهم إلى شكل ممسوخ من الرأسمالية. فهؤلاء الغرباء لا بد أنهم بقية الخير، وعلى أيديهم يحقق الله وعده للمؤمنين بالاستخلاف والتمكين وتبديل الخوف أمنا.

رد مع اقتباس