الموضوع: ما بال اقوام
عرض مشاركة واحدة
 
  #1  
قديم 03-15-2013
ابو عمر ابو عمر غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 92
افتراضي ما بال اقوام

ما بال أقوام إذا دعوتهم إلى الوعى السياسي وترك سوء التفكير السياسي نفروا نفور الوحوش، ورموا الداعي لهم إلى ذلك، بكل حجر ومدر؛ كأنهم لم يسمعوا قوله تعالى: "يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم" وكأني بهم قد غاب عنهم انه من البديهيات أن إيجاد الإسلام في معترك الحياة بدون دولة الخلافة خيال، وتحقيق دولة الخلافة بدون الامة الاسلامية وَهمٌ، وتحقيق الأمة لدولة الخلافة بدون الوعى السياسي أكثر خيالا وأشد وهماً.

كيف لا، والوعى السياسي هو النظر للأحداث من زاوية خاصّة بحيث تكون هذه النظرة عالمية المدى غير إقليمية أو محلية. والزاوية الخاصة تنطلق من المبدأ، وبخاصة من عقيدته، فالنظرة العامة التي ينطلق منها السياسي المسلم هى عقيدة (لا اله الا الله). فالوعى السياسي هو وعي مبدئي على الأحداث، والمسلم الواعي سياسيا يشتغل بالاحداث الواقعية تحليلا لفهمها، وتفكيرا للحكم عليها من زاويته الخاصة، وعملا منتجا لتسييرها باتجاه غايات الامة، وهذا يعني انه لا بدّ للسياسي وهو يتلبس بالعمل السياسي من التفريق بين التفكير السياسي والتحليل السياسي والعمل السياسي لئلا تختلط لديه هذه الأبعاد، وهو منخرط ميدانيا بالعمل في الامة ومع الامة بحيث لا يفقد بوصلة الفهم السياسي؛ مما يؤدي الى ان يكون ضحية للتضليل السياسي. وكذلك حتى يؤتي عمله السياسي أُكُله الصحيح وحتى يكون الفكر والعمل السياسي منتجا.

فالفكر والعمل السياسي لا بدّ وأن ينطلقا من المبدأ ويرتبطا به سواء بعقيدته كمنطلق، أو بأحكامه كمعالجات تتمثل بالأعمال السياسية، أما التحليل السياسي فهو عملية ذهنية تتعلق بفهم الأحداث الواقعية بحيث تُرى من خلالها الحقائق كما هي، مع الحذر من تلوينها باللون الذي يهواه السياسي، وعليه أن يحرص على عدم تدخل ميوله في فهم الآراء والأنباء السياسية، بل تدرك الوقائع إدراكا حسيا كما هي لا كما يرغب أن تكون. ومما لا شك فيه ان التحليل السياسي هو أحد مستلزمات معرفة الواقع السياسي وفهم مجريات الاحداث بالتحديد؛ حيث بالتحليل السياسي تكشف النوايا والاهداف، وهذا لا يتأتى الا من خلال التتبع السياسي والوقوف على التفاصيل لفهم الاحداث. لكنّ ذلك لا يكون كتتبع الصحفي؛ لمعرفة الاخبار، بل بالنظرة اليها من زاوية خاصة لاصدار الحكم الذي ينطبق عليها؛ أي بمعنى انه لا يجوز بأي حال من الاحوال إهمال تعاطي التحليل السياسي، أو التفاعل العاطفي البحت مع الأحداث بما يرضي الأمة، دون وعي على ما يجري في العالم، فإن ذلك عمل السطحيين الذين لا يمكن لهم أن يقودوا أمة. بل إن التحليل السياسي وفهم العلاقات الدولية بين الدول، وتبيان الموقف الدولي وتغيّره، وكشف الخطط والأساليب التي تستخدمها الدول الكافرة في حربها على الإسلام، وتحليل مراكز الدول بالنسبة للدولة الأولى من تابعة أو مستقلة أو دائرة في الفلك، وما إلى ذلك من معلومات عن الواقع السياسي في العالم، واجبٌ على المسلمين كونهم قد كلّفوا بحمل الدعوة للعالم مما يحتم عليهم الاتصال به وهم واعون لمشاكله ودوافعه، ويتوجب عليهم أيضا إدراك الموقف الحالي في العالم الإسلامي على ضوء فهم الموقف الدولي العالمي ليتمكنوا من التحرك المنتج نحو إقامة الخلافة، وبخاصة من يسعى لأخذ قيادة الامة ويرغب في تسلم قيادة المسلمين ليغيّر واقعهم ويغيّر بهم واقع العالم بأسره، وإنه مما لا شك فيه أن من لا يدرك الأحداث لا يستطيع أن يتصدى للقيادة، بل هو محتاج إلى من يقوده، ولا يستطيع إصدار الحكم؛ لانه لا يفقه الواقع، ومن كانوا هذه هي حالهم، فانه من السهولة بمكان أن يقعوا في المصائد التي ينصبها لهم الغرب الكافر، وأن ينزلقوا إلى أحضان قيادات عميلة للغرب الكافر وبخاصة رأس الكفر امريكا، وبذلك يسقطون في دهاليزها وينجرّون إلى مشاريعها الخبيثة وجرائمها النكراء من حيث يدرون او لا يدرون. وعلى سبيل المثال لا الحصر يحسبون ان مباركة ثورات ما يسمى "بالربيع العربي" الامريكية الصنع والتصدير، والمشاركة فيها هو الحق؛ غفلةً منهم وجهلا بالخطط والأساليب التي تستخدمها الدول الكافرة في حربها على الإسلام، فهلّا تدّبر هؤلاء القوم هذا وتأملوه ان بقى فيهم بقية من إنصاف، وشعبة من خير، ومِزعة من حياء، وليحذروا من التعصب لفلان او علان، وللجهة الفلانية او العلانية، حيث ان المتعصب وان كان بصره صحيحا، فبصيرته عمياء وأذنه عن سماع الحق صمّاء، ولا حول ولا قوة الا بالله العظيم. (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ).
رد مع اقتباس