عرض مشاركة واحدة
 
  #7  
قديم 08-23-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ـ الجزء الثالث ـ *

بسم الله الرحمن الرحيم

ما يوافق الإسلام وما لا يخالف الإسلام ،كلهاأحكام كفر وليست من أحكام الإسلام






أيها المسلمون

عن طريق فكرة (ما يوافق الإسلام فهو من الإسلام) أدخل الكفار علينا أفكار الكفر، وعن طريق (ما لا يخالف الإسلام فهو من الإسلام) استطاعت دول الكفر أن تجعلنا نأخذ أحكام الكفر، وبذلك بدأ دخول أفكار الكفر إلى أذهان المسلمين، فكانت ألفاظ الديمقراطية من الإسلام والاشتراكية الإسلامية والعدالة الاجتماعية من الإسلام وغير ذلك، وبهذا أيضاً سهل على الكفار وعلى المنافقين أن يطبقوا على المسلمين أحكام الكفر مثل قوانين العقوبات وأحكام البيّنات وقوانين التجارة وما شاكل ذلك، فكان هذا هو الخطوة الأولى التي خطاها الكفار لإزالة أحكام الإسلام وأفكار الإسلام وإحلال أفكار الكفر وأحكام الكفر محلها في بلاد الإسلام وفي أدمغة أبناء المسلمين برضا المسلمين. حتى إذا سهل عليهم هذا وتمكنوا منه انتقلوا للخطوة التالية، خطوة إعطاء أحكام الكفر بوصفها تقدمية لتحل محل الرجعية على حد تعبيرهم، أي تحل محل أفكار الإسلام وأحكام الإسلام، ثم كان ما ترونه بأعينكم من وقاحة بعض شباب المسلمين في إبعاد الإسلام، ومن تفاهة من يزعمون العمل للإسلام أو بعبارة أخرى من يحبون الإسلام بمحاولتهم التوفيق بين أحكام الإسلام وأحكام الكفر، ليُلبسوها ثوب التقدم وموافقتها للعصر الحديث، أي كان طغيان الكفر كله على البلاد، وكان أن غاص الإسلام كله من الوجود.
والآن بعد أن عانت بلاد المسلمين ما عانت ، وبرز بشكل فاضح فساد أحكام الكفر وأفكار الكفر أدرك جمهرة المسلمين أن لا منقذ لهم إلاّ الإسلام، وأنه لا يضع حداً لهذا القلق وهذا الفساد إلاّ رجوع دولة الإسلام، لذلك صار الأمل مجسماً للمؤمنين في أن سلطان الإسلام آت وأن الإسلام يوشك أن ينبثق فجر دولته من جديد لذلك كان لا بد من رجوع الإسلام صافياً كما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا بد من محاربة ما كان سبباً لإيجاد أحكام الكفر وكان طريقاً للتخلي عن أحكام الإسلام.

إن أهل القوة والمنعة بدأوا يدركون أن لا نجاة إلاّ بالإسلام، ولكن ما يظهر على الغرب والشرق من تقدم مادي لا يزال يتحكم في أذهانهم، وإن كانت محبة الإسلام متغلغلة في نفوسهم، لذلك يُخشى أن يعود عهد التوفيق بين أحكام الإسلام وأحكام الكفر، عهد ما يوافق الإسلام فهو من الإسلام، وأيضاً فإن بقايا أهل التوفيق من المسلمين لا يزال الكثير منهم له نشاط وأتباع ولا يزال للذين يرون الإسلام مرناً يسير مع كل زمان ومكان قول مسموع ورأي مطاع، فكان لا بد من بيان خطر فكرة (ما يوافق الإسلام فهو من الإسلام) وضرر فكرة (ما لا يخالف الإسلام فهو من الإسلام)، فإن هذه الفكرة من أفظع ما حل بالمسلمين ومن أشد ما أثر على المسلمين وجعلهم يقبلون أخذ أحكام الكفر وأفكار الكفر وترك أفكار الإسلام وأحكام الإسلام.
إن أهل القوة والمنعة بدأوا يدركون أن لا نجاة إلاّ بالإسلام، ولكن ما يظهر على الغرب والشرق من تقدم مادي لا يزال يتحكم في أذهانهم، وإن كانت محبة الإسلام متغلغلة في نفوسهم، لذلك يُخشى أن يعود عهد التوفيق بين أحكام الإسلام وأحكام الكفر، عهد ما يوافق الإسلام فهو من الإسلام، وأيضاً فإن بقايا أهل التوفيق من المسلمين لا يزال الكثير منهم له نشاط وأتباع ولا يزال للذين يرون الإسلام مرناً يسير مع كل زمان ومكان قول مسموع ورأي مطاع، فكان لا بد من بيان خطر فكرة (ما يوافق الإسلام فهو من الإسلام) وضرر فكرة (ما لا يخالف الإسلام فهو من الإسلام)، فإن هذه الفكرة من أفظع ما حل بالمسلمين ومن أشد ما أثر على المسلمين وجعلهم يقبلون أخذ أحكام الكفر وأفكار الكفر وترك أفكار الإسلام وأحكام الإسلام.

إن الإسلام هو ما جاء وحياً من الله، أي ما جاء بالكتاب والسنّة وما أرشد إليه الكتاب والسنّة من أدلة، هذا وحده هو الإسلام، وما عداه كفر سواء أكان موافقاً للإسلام أم كان لا يخالفه. والدليل على ذلك أن الله تعالى أمرنا أن نأخذ ما يأمر به الرسول وأن نترك ما نهانا عنه وأمرنا أن نحتكم إلى رسول الله أي إلى ما جاء به رسول الله. قال تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) فهو نص في وجوب أخذ ما جاء به الرسول، وترك ما نهى عنه، وإذا قرنت هذه الآية بقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وعرف أن (ما) في قوله (ما آتاكم) وقوله (وما نهاكم) للعموم، ظهر جلياً وجوب أخذ ما جاء به وترك ما نهى عنه، وأنه عام في جميع ما أمر به وجميع ما نهى عنه، والطلب في هذه الآية سواء طلب الفعل أو طلب الترك طلب جازم يفيد الوجوب بدليل تهديد الله لمن يخالفه بالعذاب الأليم. وقال الله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما)، ففي هذه الآية نفى الله الإيمان عمن يحكّم غير الرسول في أفعاله مما يدل على الحصر في التحكيم بما جاء به الرسول، وعلى حرمة الأخذ من غير ما جاء به، وهذا كله صريح في التقيد بما جاء به الإسلام.
على أن الله تعالى لم يكتف بذلك بل انه نهى نهياً صريحاً عن الأخذ من غير ما جاء به الوحي من الله، فنعى على الذين يريدون أن يتحاكموا لغير ما جاء به الرسول، قال تعالى: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً)، فهذا صريح في النهى عن التحاكم بغير ما جاء به الرسول، فقد جعل ذلك ضلالاً إذ هو تحاكم إلى الطاغوت. على أن هناك أحاديث تبين بصراحة على أن الحلال ما أحل الله والحرام ما حرم الله، وهذا يعني أن ما لم يحلّه الله لا يعتبر حلالاً وما لم يحرمه لا يعتبر حراماً، أي لا يؤخذ مطلقاً، فعن سلمان الفارسي قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه) وأخرج الدارقطني من حديث أبي ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحدّ حدوداً فلا تعتدوها) وهذا صريح بأنه لا يصح أن نتعدى ما حدده الله لنا، فلا يصح أن نأخذ من غير ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
على أن الحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال العباد، والمسلمون مأمورون بأن يحكّموا في أفعالهم خطاب الشارع وأن يسيّروا تصرفاتهم بحسبه، فإذا أخذوا ما لا يخالفه أو أخذوا ما يوافقه فإنهم يكونون قد أخذوا غير الحكم الشرعي، لأنهم لم يأخذوه بعينه بل أخذوا ما يوافقه أي ما يشبهه أو ما لا يخالفه أي ما لا يصطدم معه، وفي كلتا الحالتين لا يكونون قد أخذوا الحكم الشرعي عينه بل أخذوا غيره، وغير الحكم الشرعي ليس هو الحكم الشرعي، سواء خالف أم لم يخالف، وافق أم لم يوافق، فلا يكون أخذهم له أخذ للحكم الشرعي. فمثلاً الزواج شرعاً إيجاب وقبول بلفظي الإنكاح والتزويج بحضور شاهدين، فلو ذهب مسلمان إلى الكنيسة وأجرى لهما القسيس عقد زواج على نظام النصراني بلفظي الإنكاح والتزويج بحضور شاهدين مسلمين، فهل يكونان قد تزوجا حسب الحكم الشرعي أم حسب غيره؟ أي هل يكونان قد حكّما ما جاء به الرسول أم ما جاءت به النصرانية المنسوخة بدين الإسلام؟ فهذه حادثة توافق الإسلام، فعلى حد ما يقولون من جواز أخذ ما يوافق الإسلام وما لا يخالف الإسلام فإن هذا الزواج عندهم يكون صحيحاً، مع أن الحكم الشرعي أن هذا الزواج باطل من أساسه، ولو كان يوافق الإسلام، لأنا نُهينا عن الأصل الذي جاء به هذا الزواج وهو دين النصرانية، ونُهينا عن الأصل الذي جاء منه هذا الزواج وهو التحاكم لغير ما جاء به الرسول الوارد في قوله تعالى: (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) وكل ما جاء النهي فيه عن الأصل فهو باطل ويحرم أخذه، فكان هذا الزواج باطلاً، ومثله الزواج المدني، وكذلك كل ما كان النهي فيه عن الأصل باطل يحرم أخذه، فيحرم أخذ ما لم يأت به الإسلام، سواء وافق الإسلام أم لم يوافقه، وسواء خالفه أم لم يخالفه، لأنّا فوق كوننا قد أمرنا بأخذ ما أمر به الرسول وترك ما نهانا عنه ومفهومه أن لا نأخذ غيره، فإنه قد جاء النهي صريحاً عن أخذ ما لم يأت به الرسول أي عن أخذ شيء غير ما جاء به الرسول، ويؤيد ذلك أحاديث أخرى كثيرة صريحة في هذا النهي، فعن عائشة قالت: قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) وفي رواية أخرى عنها: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي بأخذ القرون قبلها شبراً بشبر وذراعاً بذراع. فقيل: يا رسول الله كفارس وروم؟ فقال: ومَن مِن الناس إلاّ أولئك؟) وروى البخاري عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم. قلت: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟) فهذه النصوص صريحة في النهي عن الأخذ من غيرنا، فالحديث الأول يقول (فهو رد) والحديثان الآخران يتضمنان معنى النهي، فأخذ القوانين الغربية هو أخذ من غير الإسلام، وهو اتباع لمن هم مثل الفرس والروم والنصارى واليهود، فهو اتباع للانكليز والفرنسيين والأمريكان وأمثالهم، ولذلك يحرم أخذها بغض النظر عن كونها توافق الإسلام أم لم توافقه، تخالفه أم لم تخالفه، فإن أخذها حرام.
ولا يقال إن هناك أموراً حدثت لم تكن في أيام الرسول ولا كانت من قبل ولم يأت بها حكم فيجوز أخذها لقول الرسول: (وما سكت عنه فهو عفو لكم) وقوله: (وما سكت عنه فهو عفو) ولأن الأصل في الأشياء الإباحة، لا يقال ذلك، لأن قول الرسول لا يعني أن ما سكت عنه الشرع بمعنى لم يبينه، فحاشا لله أن يكون كذلك، لأن الشرع لم يسكت عن أشياء لم يبين حكمها، بل بيّن الشرع حكم كل شيء، فما من واقعة إلاّ ولها حكم، ولا من حادثة إلاّ ولها محل حكم، ولا يحق لمسلم أن يقول إن الشارع سكت عن شيء ولم يبين حكمه بعد أن يقرأ قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقوله تعالى: (وأنزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء) فلا يحق لأحد من المسلمين أن يذهب إلى أن تكون بعض الوقائع خلواً من الحكم الشرعي، على معنى أن الشريعة أهملته إهمالاً مطلقاً لم تنصّب دليلاً من نص في الكتاب والسنّة، أو تضع أمارة من علة شرعية جاء بها النص صراحة أو دلالة أو استنباطاً أو قياساً، تنبه الشريعة بهذا الدليل أو تلك الأمارة إلى حكم هذا البعض من الوقائع، هل هو الإيجاب أو الندب أو الحرمة أو الكراهة أو الإباحة، أو البطلان والفساد أو كونه سبباً أو شرطاً أو مانعاً.. الخ، لا يحق لأحد من المسلمين أن يذهب إلى ذلك لأنه بهذا يطعن في الشريعة بأنها ناقصة، ويبيح تحكيم غير الشرع مخالفاً بذلك قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكّموك)، وإذا كان الشرع لم يأت بالحكم وأخذ المسلم حكماً لم يأت به الشرع فقد حكّم غير الشرع، وهو لا يجوز. فالادعاء بأن الشرع لم يأت بأحكام جميع الحوادث إباحة لتحكيم غير الشرع، لأن الشرع لم يأت بها هو ادعاء باطل، فلا يكون معنى قول الرسول: (وما سكت عنه فهو عفو) أن الشرع لم يبين حكمه، بل معناه أن الرسول يخاطب الصحابة فيقول لهم ما جاء النص به خذوه ولا تسألوا عن غيره حتى لا يحرم عليكم، فهو من قبيل قوله عليه السلام: (ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة السؤال واختلافهم على أنبيائهم، ما نهيتكم عنه فانتهوا وما أمرتكم فأتوا منه من استطعتم)، فيكون معنى (ما سكت عنه) أي ما لم ينهَ عنه فلا تسألوا عنه فقد عفا الله به ورفعه عنكم فلا تثقلوا على أنفسكم ولا تبحثوا عنه، بدليل أن نص الحديث كاملاً قد قال: (فلا تبحثوا عنها)، فإن النص هو (إن الله فرض فروضاً فلا تضيعوها ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها وحدّ حدوداً فلا تعتدوها وعفا عن أشياء رحمة بكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها) فالمراد النهي عن البحث عنها وليس المراد أن هناك أموراً لم يبين الله حكمها.
وأمّا الاستدلال بقاعدة (الأصل في الأشياء الإباحة) فإنها خاصة بالأشياء لا بالأفعال، فالأشياء التي في الكون مباحة لنا بعمومات القرآن (وخلق لكم ما في الأرض جميعاً) (كلوا واشربوا) وغير ذلك من النصوص، فالأصل فيها الإباحة لعموم النصوص، فإذا حرم شيء لا بد من نص على تحريمه لأن عموم الإباحة يشمل كل شيء فاستثناؤه بالتحريم من العموم يحتاج إلى نص يستثنيه، ومن هنا كان (الأصل في الأشياء الإباحة) أمّا الأفعال فالأصل فيها التقيد بخطاب الشارع، فإذا جاء الشارع بإباحته كان مباحاً وإذا لم يأت الشارع بإباحته لا بد من البحث عن حكمه في الأدلة الشرعية، فليس الأصل في الأفعال الإباحة بل التقيد بالحكم الشرعي.

وقد يقال: إن اختراع القنبلة الذرية فعل ورسم خطط الحرب فعل والرحلة إلى القمر فعل، وهذه كلها لا تخالف الإسلام فنأخذها لأنها توافق الإسلام ولا تخالفه فيكون أخذنا لها أخذاً لما لا يخالف الإسلام وأخذاً لما يوافق الإسلام. والجواب على ذلك أن هنالك فرقاً بين الأفكار المتعلقة بالعقائد والأحكام الشرعية وبين الأفكار المتعلقة بالعلوم والفنون والصناعات والاختراعات وما شابهها، فالأفكار المتعلقة بالعلوم والفنون وما شاكلها يجوز أخذها إذا لم تخالف الإسلام، وأمّا الأفكار المتعلقة بالعقائد والأحكام الشرعية فلا يجوز أن تؤخذ إلاّ مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب وسنّة أو مما أرشد إليه الكتاب والسنّة، والدليل على ذلك ما رواه مسلم من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما أنا بشر مثلكم إذا أمرتكم بشيء من أمور دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشيء من أمور دنياكم فإنما أنا بشر)، وما روي عن عائشة وأنس معاً أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقوم يلقحون فقال: (لو لم تفعلوا يصلح). قال: فخرج شيصاً، أي بسراً رديئاً، فمر بهم فقال: ما لنخلكم؟ قالوا: قلت كذا وكذا، قال: (أنتم أدرى بأمور دنياكم)، وما رواه أهل السير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما خرج للقاء المشركين في غزوة بدر ونزل عند أدنى ماء بدر قال له الحباب بن المنذر: يا رسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلاً أنزله الله تعالى ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ قال: (بل هو الرأي والحرب والمكيدة) قال: يا رسول الله إن هذا ليس بمنزل فانهض بالناس حتى تأتي أدنى ماء من القوم فإني أعرف غزارة مائه بحيث لا ينزح فننزله ثم نغور ما عداه من القلب ثم نبني عليه حوضاً فنملؤه ماء فنشرب ولا يشربون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فقد أشرت بالرأي). فهذه النصوص كلها دليل على أن ما كان من غير العقائد والأحكام الشرعية إذا لم يخالف الإسلام أي إذا لم يأت نص بالنهي عنه. فهذا الذي نأخذه إذا وافق الإسلام ولم يخالف الإسلام، وإذا جاء نص النهي عنه فإنا لا نأخذه لأن الشرع نهى عنه، فما كان من الفنون والعلوم والصناعات والاختراعات وما شابهها هو الذي نأخذه إذا لم يخالف الإسلام، فمثلاً التصوير فن من الفنون وليس من العقائد وليس من الأحكام الشرعية فإنا نأخذه إذا لم يخالف الإسلام، ولكن هذا جاء نص في النهي عنه فلا نأخذه ولذلك كان رسم صورة ذي روح من إنسان وحيوان وطير وغير ذلك رسماً باليد حراماً على المسلمين، لأن النص جاء في النهي عنه، فقد قال الرسول عليه السلام: (كل مصور في النار) وقال: (الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة)، فهذا نص في النهي عن التصوير، فالرسم باليد وإن كان فناً فإنه يخالف الإسلام، أي جاء نص في النهي عنه، فكان لذلك حراماً فلا يحل لمسلم أن يرسم صورة لذي روح ولا أن ينحتها، وأمّا التصوير بالآلة فمباح لأنه ليس تصويراً من قبل الإنسان وإنما هو نقل لعين الشيء المنقول، وهذا لا يدخل تحت النهي المذكور، فكان مباحاً، لأنه فن، وما دام لا يخالف الإسلام فيجوز أخذه، وكذلك التجارة والزراعة والملاحة والصناعة ورسم الخطط الحربية والاختراعات كلها وما شابه ذلك، فهذا هو الذي يجوز إذا لم يخالف الإسلام وأما إن كان من العقائد والأحكام الشرعية فلا يصح أن يؤخذ إلاّ مما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من عند الله، أي إلاّ أحكاماً شرعية ليس غير.

فيا أيها المسلمون

هذا هو واقع الإسلام، فما جاء به الوحي من كتاب وسنّة هو الإسلام، وهو الشرع، وما لم يأت به الوحي فليس بالشرع، ولا هو من الإسلام، فكل ما ليس له دليل من الكتاب والسنّة، ولا مما أرشد إليه الكتاب والسنّة من الأدلة، فإنه أفكار كفر وأحكام كفر، سواء خالفت الإسلام أم لم تخالفه، وافقته أم لم توافقه. فليحذر المسلمون من أن يُدخِل عليهم أحد خديعة الأخذ بما يوافق الإسلام أو العمل بما لا يخالف الإسلام، فإن هذا هو المنزلق الفظيع الذي أدى إلى ترك الإسلام وقبول أحكام الكفر وأفكار الكفر، وهذا هو أيضاً المنزلق الخطر الذي يؤدي إلى التنكب عن الإسلام، والانحراف عن طريقه، بل يجب أن يعلموا أن كل ما يوافق الإسلام، وكل ما لا يخالف الإسلام، أحكام كفر وأفكار كفر، لا يحل أخذها مطلقاً، ويجب أن تنبذ نبذ النواة، بل يجب أن تحارَب بعنف، وأن تقاوَم بضراوة، لأنها خديعة فظيعة لإدخال أفكار الكفر على المسلمين، ووسيلة للتنكب عن طريق الهدى، طريق الإسلام.
**************
منقول بتصرف في بعض الجوانب
__________________
[
رد مع اقتباس