عرض مشاركة واحدة
 
  #6  
قديم 08-23-2011
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متواجد حالياً
عضو فعال
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 246
افتراضي رد: مجموعة طالب عوض الله ـ الجزء الثالث ـ *

الامة تنتظر اهل القوة فيها لاحداث التغيير المنشود



راسم بن عبدالعزيز – فلسطين

حين اندلعت الثورات المباركة في اكثر من بلد عربي بدءا من تونس مرورا بمصر وصولا الى سوريا ،والمؤمل ان تنتقل لتعم العالم العربي ومنه الاسلامي ، فاجأت هذه الثورات الغرب وادواته من الحكام وكثير من السياسيين والمراقبين الذين ظنوا ان هذا الواقع الفاسد وافرازاته قدرا مقدورا لا فكاك منه ولا مناص ، ولكن في الجانب الاخر عوّل كثير من الناس على هذه الثورات بتغيير جذري سريع يقتلع هذا الواقع ويهدم بنيانه من الاساس ، لكن العاماين الخبيرين في المجتمعات وادوات التغيير وطرقه -في الوقت الذي لم تفاجئهم هذه الثورات -لم يعولوا عليها في احداث التغيير المنشود وان باركوها وايدوها وعملوا على ترشيدها لتصب في غايتهم المنشودة باعادة الخلافة واستئناف حياة الاسلام ، وقد اعتبروا هذه الثورات وثبة الى الامام ومقدمة لنهاية الحكم الجبري وبشير بزوغ فجر الخلافة الثانية أي هو حراك سيفتح بين العاملين وبين الشعوب في ايصال فكرتهم للامة بعد هذه العقود العجاف .


ان هذه الثورات وان كنت افضل استعمال لفظ الحراك السياسي لانه اقرب الى الواقع ،والحقيقة ان مفهوم الثورات يقترن دائماً بمفاهيم التغيير، لكن التغيير المقصود فيها ليس اي تغيير أياً كان شكله أو صفته، بل المقصود به أن يكون تغييراً شاملاً وجذرياً يتعلق بالشكل والمضمون، يتناول النظام قبل الأشخاص، ويستهدف الأوضاع والدستور والقوانين والعلاقات الداخلية والخارجية للدولة، ولا يستثني شيئاً منها. فالثورة التغييرية تكون سياسية واجتماعية واقتصادية وثقافية ودستورية، بمعنى أن تكون ثورة شاملة عامة، أي أن تكون جذرية انقلابية.


وما حصل حتى الان غير المؤمّل لعدة اسباب وعوامل منها :-


اولا: عدم وجود قيادة واعية ومخلصة بشكل بارز تقود الجموع الثائرة، ومن المعروف ان السلوك الجماعي يتسم بسلوك القطيع الذي يحتاج الى راس يقوده الى بر الامان بدل ان تصل الى موارد الهلاك من حيث لا تدري ،ولعل السبب في ذلك يعود الى القمع والاضهاد والاستبداد الذي مورس على الامة لعقود وسنوات من قبل انظمة الحكم الجبري الطاغوتية فظل العامين المخلصين يعملون تحت الارض ،وفي اجواء من الملاحقة والسجن والتعذيب والتغييب، واذا ما اضفنا الى ذلك تعاون مواكن الاعلام المزيف في التعتيم على المخلصين الوعول- اشراف القوم - وابراز التحوت -ارذل القوم- وتقديمهم للامة كقادة وكمعارضة وهم في الحقيقة جزء من النظام وركن رئيس من اركانه وداعم اساس له.


ثانيا :النفوذ الاجنبي الواسع والكبير والمتجذر في بلاد المسلمين خاصة في السياسة والاقتصاد منذ الاستعمار وما تلاه من حقبة الاستقلال المزيف الذي صنعته ايدي المستعمرين ،وهذا النفوذ القوي – وللاسف- كان بفضل حكام دول الضرار صنيعة الاستعمار ، ظهر علينا كدائم للثوار وهو في الحقيقة الد اعداء الثائرين. لان تقويض هذه الانظمة يهدد وجوده ونفوذه ومصالحه في المنطقة ،اذ ان مصالحه مرتبطة ببقاء هذه الانظمة العميلة التابعة له ، فما ن اندلعت الثورات حتى عمت دول الغرب حالة طوارىء ،وكان ما يجري هو في بلادهم لا بلادنا . اجتماعات واتصالات وتصريحات ونصائح وتهديدات ...الخ سياسة تدخل واضحة فاضحة لكل ذي عينين ،وهذا امر ليس بغريب فبلاد المسلمين ما ان هدمت دولة الخلافة وحتى اعلان الاستقلا ل المزيف والاستعمار يتحكم في كل صغيرة وكبيرة في بلادنا بدءا من الحكم مرورا بالاقتصاد والتعليم وانتهاءا بالمساجد واعداد خطب الجمعة وتعيين المفتين ،كما انهم بنوا وسطا سياسيا فاسدا ربط مصالح الناس به يصعب اقتلاعه بسهولة .


ورغم ذلك لا يمكن النظر الى هذا الحراك بعين التشاؤم ، فقد حقق هذا الحراك الكثير من النتائج الانية اهمها ازالة حاجز الخوف وكسر جدار الصمت الذي خيم على الامة عقود وسنوات ، وبدأت الامة تعمل على استعادة ارادتها وسلطانها المغتصب منها من خلال ممارستها لحقها في المحاسبة والتغيير . وكذلك انكشاف حقيقة هذه الانظمة وتبعيتها للغرب ومحارتها للاسلام وخيانتها لقضايا الامة حتى باتت لا تخفى على السذج والسطحيين . كما شكل هذا الحراك غربالا واختبارا للعلماء والاحزاب والاعلام والاشخاص، واظهر الحراك مواقف الجميع ليحيى من حي عن بينة وليهلك من هلك عن بينة حصحص الحق وبان من يقف في صف الامة ومصالحها ومن يقف في صف الحكام واسيادهم ،انكشف زيف الزائفين والمتملقين من علماء واحزاب واسقطت اوراق التوت التي ستروا بها عوراتهم ردحا من الزمن وهذا ابتلاء من الله وفتنة وان كثيرا منهم في الفتنة قد سقطوا .


وعليه لايمكن لهذه الثورات ان تحقق نتائجها المرجوة الا اذا دعمت من قبل اهل القوة والمنعة ،فالتغيير وإحداث النهضة وبناء المجتمع يمر عبر أهل القوة والمنعة من أبناء الأمة، فإسقاط العروش لا يكون إلا بتحريك الجيوش، وهم جزء من الأمة، فهو الذي يحسم ويسرّع التغيير، وسرعان ما يرجع لمشاعره الإسلامية ولو كان بدون خبرة سياسية الان . ، وقد اظهرت الاحداث كيف كان الجيش في كل مرة هو صاحب القول الفصل، إذا جد الجد، وهذا ما يستلزم العمل لكسبه لصالح الأمة وهو جزء منها ، حتى تصل الأمة إلى غايتها في استئناف الحياة الإسلامية، وإقامة الخلافة. فالجيوش هي محل ثقة الامة ومحل اقصاء الحكام الذين ابعدوهم عن واجبهم وكبلوهم في ثكناتهم وبنوا اجهزة امنيه تحصي على الناس والجيوش انفاسهم ،وتحمي عروشهم وهذا ما اظهرته الاحداث الاخيرة ،ولذلك يجب االعمل على كسبهم لصالح الامة وقضاياها ،وهذا يظهر محورية قضية النصرة ا لتي ننادي بها في الدعوة والتغيير ما يوجب تمسك المسلمين بها باعتبارها الطريق الشرعي والمنتج في ايصال الاسلام الى الحكم .


وحتى يتحقق المطلوب من هذا الحراك يجب علينا طرح مشروع الخلافة على الجماهير الثائرة بشكل لافت للنظر، وجعله محور التفكير والنقاش في ميادين التحرير والتغيير، وهذه فرصةسانحة بعد ان عادت الامة تمارس بعضا من الاعمال السياسية الواجبة بحقها وصارت الاجواء مهيئة اكثر من ذي قبل لطرح افكارنا على الناس بشكل مباشر وواضح بعد ان كسر ت حاجز الصمت ونزعت ثياب الذل والهوان . فمن ينقذ الامة من براثن الاستعمار وانياب الطاغوت فيكون ثوابه ثواب الانصار واجره كاجر سعد واسعد واسيد رضي الله عنهم اجمعين ،فالى عز الدنيا والاخرة ندعوكم ايها القادرون على التغيير والامة تنتظركم وتنتظر منكم هذا الصنيع فهل من مجيب .
منقول عن : مجلة الزيتونة
__________________
[
رد مع اقتباس