عرض مشاركة واحدة
 
  #2  
قديم 10-12-2011
خلافة خلافة غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
المشاركات: 56
افتراضي رد: إنحراف حزب المهندس عن طريقة رسول الله في إقامة الدولة الإسلامية

تابع

هذه هي الكيفية للوصول إلى الحكم فيكفي فيها أن يقوم الحزب بمهاجمة الحكام وتحريض الأمّة على أعمالهم إلى جانب بث أفكاره، بل لابدّ أن يحاول أخذ قيادة الأمّة ضد السلطة وضد الأفكار التي تقوم عليها. ومن هنا كان لابدّ من محاولة أخذ قيادة الأمّة إلى جانب الأعمال التي يقوم بها حتى الآن قد أدرك الحزب هذه الحقيقة إدراكاً حسياً حين انتقل إلى دور التفاعل وأحسّ أنه في حاجة إلى أعمال أخرى إلى جانب الأعمال التي كان يقوم بها في محاولة المخاطبة، أصدر نشرة دخول المجتمع مبيناً فيها كيفية دخول المجتمع وكيف تنشأ الدولة ويتحول السلطان، وأصدر جواب سؤال: أين تكمن السلطة، وكيف يمكن الوصول إليها؟ ومن البديهيات لديه أن مرحلة التفاعل تليها مباشرة مرحلة الحكم، وأن الانتقال من مرحلة التفاعل إلى مرحلة الحكم يجب أن يكون حتمياً وبشكل طبيعي، تماماً كما حصل الانتقال من مرحلة الثـقافة إلى نقطة الانطلاق أو محاولة المخاطبة، وكما حصل الانتقال من محاولة المخاطبة إلى دور التفاعل. ولهذا رأى أنه لابدّ أن يصحب ضرب العلاقات بشكل متتابع أخذ قيادة الأمة. ولذلك قام بمجرد دخول دور التفاعل بإصدار تعميم بتاريخ 28 من شوال عام 1379هـ الموافق 23/4/1960م بيّن أن الحزب أصبح في مرحلة التفاعل وأنه في هذه المرحلة "يصبح حتمياً عليه أن يصحب تتابع ضرب العلاقات، وإذا لم يحاول أخذ قيادة الناس فإنه يجمد ويحصل الانتكاس ولو قام بالعمل جميع أجهزته وجميع شبابه معاً دون استثناء أحد". وقد مضت سنة على صدور هذا التعميم وعلى سير الحزب في مرحلة التفاعل دون أن توجد محاولة أخذ قيادة الأمة. وجرى التفكير بالقيام بهذه المحاولة فلم ينجح عملياً بإيجادها سوى الاستعانة ببعض الناس في توزيع المنشورات. بقي الحزب على سيره الذي كان عليه في محاولة المخاطبة لا يقوم إلا بالأعمال التي كان يقوم بها في تلك النقطة، نقطة الانطلاق وحدها دون أن يزيد عليها أي عمل، ولذلك لم يشعر الناس أن الحزب قد تغير سيره وصار في وضع آخر بل لم يشعر كثير من شبابه بدخوله بدور التفاعل حتى أن كثيرين منهم علموا أن الحزب أصبح في دور التفاعل سلموا بذلك تسليماً ولم يدركوا إدراكاً حسياً بهذا الانتقال. وهم معذورون في ذلك، لأن السير لم يزد عليه شيء ولم يلمسوا أي تغيير في الأعمال ولا في الوسائل أو الأساليب، وهذا بخلاف السير في نقطة الانطلاق فإن الحزب حين بدأ يسير فيها شعر الناس بانتقال الحزب من مرحلة الثـقافة إليها، وشباب الحزب جميعاً أدركوا إدراكاً حسياً أن الحزب قد انتقل من مرحلة الثـقافة إلى نقطة الانطلاق، لأن الأعمال التي يقوم بها في مرحلة الثـقافة لم يعد يقتصر عليها، بل ظل يقوم بها وزاد عليها أعمالاً أخرى محسوسة ملموسة، وأوجد وسائل جديدة وأساليب جديدة. ففي مرحلة الثـقافة كان يقوم بالثـقافة المركزة والثـقافة الجماعية، ويستعمل من الوسائل المساجد للثـقافة الجماعية، ومن الأساليب الاتصالات العفوية والاتصالات المقصودة. فحين انتقل إلى نقطة الانطلاق صار يقوم بالثـقافة المركزة والثـقافة الجماعية وتبني المصالح وكشف الخطط. وتستعمل من الوسائل المساجد والصحف والمنشورات بأنواعها والعرائض، ومن الأساليب الاتصالات العفوية والاتصالات المقصودة والزيارات والوفود. ولذلك أحسّ الناس بانتقال الحزب وسيره في وضع جديد. أما في مرحلة التفاعل فإنهم لم يحسوا لأنه لم يحصل أي جديد. فما لم يقم الحزب بما تقتضيه مرحلة التفاعل من الأعمال الجديدة وهي محاولة أخذ القيادة فإن الناس لا يمكن أن يحسّوا بوجوده في وضع جديد أي في مرحلة التفاعل، بل لا يمكن أن يسير في مرحلة التفاعل سيراً موصلاً إلى الغاية التي تُستهدف من السير فيها وسيحصل التجمّد والانتكاس. صحيح أن الناس منذ دخل الحزب في دور التفاعل قد شعروا بمضاعفة أعمال الحزب وزاد إحساسهم بنضاله وجرأته ونمت شخصيته نمواً ملحوظاً وسارت في طريق القوة بشكل ملموس، ولكن هذا لم ينتج عن نجاحه في السير في مرحلة التفاعل بل نتج عن تتابع ضرب العلاقات أي عن مباشرته لطرق باب المجتمع له قبل دخول دور التفاعل كان قد بدأ طرق باب المجتمع أي بدأ بضرب العلاقات ولا سيما العلاقات المحلية، وكان الظاهر من تجمّد الناس تجاه الحزب ومن الموجة المشاعرية التي كانت تطغى على المنطقة أن الحزب لا يستطيع أن يتابع ضرب العلاقات، ولكن وقوف التيارات الخارجية ومحاولة العملاء تركيز الأمور الداخلية لديهم، والجزْر الذي حصل في المشاعر بعد ذلك المدّ القوي، كل ذلك مكّن الحزب من أن يتابع ضرب العلاقات مع متابعة البيانات السياسية والآراء السياسية وتمكّن من أن يقوم بالعمل كلما لزم بسهولة ويُسر، وهذا نقله بسرعة من البدء بطرق باب المجتمع إلى طرق باب المجتمع بشكل متتابع بغض النظر عن نوع العلاقة وبغض النظر عن البحث عن إمكانية ضربها أو عدم إمكانيته، بل صار يضرب كل علاقة واقعة بمجرد وقوعها مهما كان الأمر، فهذا الضرب للعلاقات قد استمر بعد دخول الحزب في دور التفاعل، فكان من جراء تتابعه واستمراره أن ظهر عليه خلال هذه المدة هذا النشاط وظهر له هذا الإنتاج، ولكن ذلك لا يدلّ على النجاح في السير في مرحلة التفاعل وإنما يدلّ على النجاح في طرق باب المجتمع. وطرق باب المجتمع هو ضرب العلاقات وهو أمر لابدّ منه في السير في طريق التفاعل، ولكنه لا يكفي وحده بل لابدّ أن يصحبه محاولة أخذ قيادة الناس، ومن هنا كان النجاح فيه ليس دليلاً على النجاح في سير التفاعل، والاقتصار عليه إخفاق وليس بنجاح. ولذلك وقف الحزب حين أحسّ بعدم استطاعته المحاولة لأخذ قيادة الناس يفكر في ذلك تفكيراً واقعياً، فتبين له أن ذلك ناتج عن ضعف الاتصال الحي، ولهذا حاول أن يوجِد الاتصال الحي وبدأ بأساليب لإيجاده واستطاع أن يحرك هذا الاتصال، ولكن هذا لم يوجد ذاتياً بل كان موجوداً إذا وُجد الدفع، وإذا وقف الدفع وقف. وبالرغم من استمرار الدفع عدّة مرّات في عدة أساليب فإنّ الدفع لم يوجد ذاتياً وظل يحتاج إلى دفع متتال. فعند ذلك أعيدت دراسة انتقال الحزب إلى دور التفاعل، هل انتقل إليه انتقالاً طبيعياً أم انتقل قبل الأوان؟ ودُرست الأعراض التي تدلّ على أن الحزب وصل إلى دور التفاعل فتبيّن أنها قد وُجدت وهي ملموسة محسوسة لشباب الحزب جميعاً وللناس، فقد لُمس إحساس الشباب بالتطلع إلى الحكم، وشوهدت نظرة الناس إلى الحزب بأنه يصارع الحكام، وصارت مصارعته لهم بارزة وشيئاً طبيعياً وعادياً، وظهر إحساس الناس بخطر الحزب على الذين يحبونهم من الحكام وتحريضهم له على من يبغضونهم. وهذه الأعراض هي التي تحتم على الحزب الانتقال إلى دور التفاعل، وبوجودها يكون انتقاله انتقالاً طبيعياً. ثم درس الحزب نفسه على ضوء ما جاء في التكتل، فتبيّن أنه مستكمل جميع شروط الدخول في المجتمع. فإنّ الصفات التي يقتضي وجودها حتى يكون انتقاله طبيعياً موجودة، فإنّ الحزب نجح في المرحلة الأولى ثقافياً نجاحاً بارزاً وصار هذا النجاح الثقافي معروفاً عند الناس، وقد عرف الناس أن هناك دعوة، وجميع الشباب الذين يعملون في مرحلة التفاعل معروف عنهم أنهم يحملون دعوة، والروح الجماعية قد تكونت لدى الشباب أثناء التكوين الثقافي في الحلقات وحين اتصالهم في المجتمع، وقد قويت في الشباب الميول الجماعية بشكل ملحوظ وجميع الشباب قد نضجوا ثقافياً بمعنى أن المواضيع التي درسوها في الحلقات قد فهموها فهماً يمكّنهم من المناقشة فيها مع من هم مثلهم بشكل طبيعي وعادي. وعقليتهم عقلية إسلامية ونفسيتهم نفسية إسلامية وإن كان لا يمنع أن توجد لديهم ثغرات، وهذه الصفات هي التي يكون وجودها في الحزب دليلاً على انتقاله إلى دور التفاعل انتقالاً طبيعياً، ولهذا لم يكن عدم استطاعة الحزب القيام بمحاولة أخذ قيادة الأمّة ناتجاً عن انتقاله إلى دور التفاعل قبل الأوان لأنه انتقل انتقالاً حتمياً وطبيعياً، بل هو ناتج قطعاً عن ضعف الاتصال الحي، فصار شعور بأنه لابدّ من وسائل وأساليب لإيجاد الاتصال الحي بشكل دائمي ومتتابع دون حاجة إلى دفع في كل اتصال، لأنّ محاولة أخذ قيادة الأمة إنما أخفقت لضعف الاتصال الحي، فإذا قَوِيَ صار من الممكن القيام بمحاولة أخذ القيادة، فلابدّ من صبّ الجهود عليه بشكل يطغى على كل عمل وعلى كل وسيلة وعلى كل أسلوب، ولذلك وُجد أسلوب جديد لإيجاد الاتصال الحي بشكل دائمي وبدافع داخلي وهي أن يعطي المسؤولين أسبوعياً أفكاراً حية في موضوع معين للشباب، ويجب أن تكون هذه الأفكار حية، أي لها واقع تنزّل عليه. وأن تفهّم للشباب بشكل تركيزي وواقعي ويناقَشون فيها ويُطلب إليهم أسبوعياً إعطاء الناس أفكاراً حية لها واقع تنزّل عليه، فيحصل بذلك نبع دائم من الأفكار، وبهذا يوجد الاتصال الحيّ ذاتياً بدافع داخلي وبشكل دائمي متتابع. إلا أنّ النجاح في الاتصال الحيّ بإيجاد محاولة أخذ قيادة الأمة، والنجاح في محاولة أخذ قيادة الأمة بأخذ قيادتها يقتضي خمسة أمور هي:

أولاً: التركيز على بعض الأفكار لإبرازها وإعطائها للناس محدّدة ومبلورة، وذلك أنه وإن كان عمل الحزب هو تفهيم الناس الإسلام ولكن الحزب تبنى أفكاراً وأحكاماً وآراء معينة وأخذ يدعو لها إذ يدعو للإسلام ويفهّمها للأمة لتتخذها أفكارها وأحكامها وآراءها، فحدّد الدعوة إلى الإسلام من قِبَله بأفكار وأحكام وآراء معينة، فسار على ذلك في جميع خطوات سيره، إلا أنّه كان في دور التفاعل إنما يهدف من الاتصال الحيّ إلى محاولة أخذ قيادة الأمة ليتولى قيادتها فعلاً، فإنه لابدّ أن يحدد أفكاراً معينة وأحكاماً معينة وآراء معينة تكون هي الطاغية على سائر الأفكار والأحكام والآراء، وتكون المحور الذي تدور عليه الأفكار والآراء والأحكام. فمثلاً تبنى الحزب أفكاراً أساسية عن الحياة وهو يعمل لتركيزها وهدم ما يناقضها على وجه يزيل الأفكار العرضية الطارئة حين يجرى تركيز هذه الأفكار الأساسية، فهذه الأفكار التي تبناها مع استمراره ببثها والدعوة لها يتخيّر أهمها وأكثرها تنزيلاً على الوقائع الجارية ويشدّد على تركيزها أكثر من غيرها، مثل فصل الدين عن الحياة بأنها عقيدة كفر، ومثل السعادة بأنها الطمأنينة الدائمة في جميع الظروف ومختلف الأوضاع، ومثل إدراك الصلة بالله بأن المسلم عبد للرّب، فيجب أن يظلّ في جميع أحواله مدركاً هذه المسألة بوصفه كعبدٍ للرب، ومثل الحُسن والقبح وما شابه ذلك بانياً كل هذا على العقيدة الإسلامية رابطاً إياه بإيجاد الخلافة وحمل الدعوة إلى العالم بالجهاد، ومثلاً تبنى الحزب أحكاماً في الحكم والاقتصاد والاجتماع والتعليم، فهذه الأحكام مع استمراره ببثها والدعوة لها يتخيّر أهمها وأكثرها تنزيلاً على الوقائع الجارية ويشدّد على تركيزها أكثر من غيرها مثل بيعة الخليفة، التجارة الخارجية، كون المرأة تنتخِب وتُنتخب، وما شابه ذلك بانياً كل هذا على العقيدة الإسلامية رابطاً إياه بإيجاد الخلافة وحمل الدعوة إلى العالم بالجهاد، ومثل تبني الحزب أحكاماً في الجهاد، وبيّن أنه طريقة لحمل الدعوة إلى العالم، فلابدّ من التركيز على هذه الأحكام. وبذلك يكون قد جدّد الأفكار التي يقوم في الاتصال الحيّ بها، وركزها على العقيدة- وإقامة الخلافة والجهاد. وبذلك يصير اتصاله مظنة النجاح في محاولة أخذ قيادة الأمة ثم قيادتها فعلاً.

ثانياً: حثّ الناس على العمل بهذه الأفكار، وذلك أن نشر الأفكار وحده، علاوة على أنه لا يؤثر في الناس ولا يوجِد نهضة ولا حركة فكرية، فإنّه لا يجعل الأمة تنقاد لمن ينشرها، وها هم الأدباء والكتّاب والعلماء والمؤلفون في كل بلد ينشرون الأفكار ولكن لا يوجد أحد انقاد لهم في هذا النشر، فحتى ينقاد الناس للحزب لابدّ أن تصل هذه الأفكار عن قصد التأثير، يحتّم هذا القصد على حامل الدعوة تمكين من يناقشهم من لمس واقعها ووضع الإصبع على هذا الواقع، وتتحتم عليه إلى جانب ذلك حثّهم على العمل لإيجادها رأياً عاماً بين الناس ولإيجادها في العلاقات وفي الدولة. إلا أنّ إعطاء الأفكار يجب أن يقترن بالحث على العمل لها حثاً مؤثراً يبعث التفكير فيهم جذاباً في العمل لها حتى يجدوا أنفسهم حين يريدون العمل لها أنه لابدّ من أن يقودهم الحزب وأن يكون هذا الحثّ مقصوداً بشكل متتابع لا أن يكون عفوياً وإذا خطر بالبال.

يتبع
رد مع اقتباس