عرض مشاركة واحدة
 
  #72  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رأى معاصر

رأى معاصر
ومن الإنصاف أن نذكر هنا أن الكاتب الإسلامي المعروف، الشيخ محمد الغزالى، عرض فى كتابه "الإسلام والأوضاع الاقتصادية" لهذا الموضوع منذ أكثر من عشرين عامًا، فبعد أن ذكر أن قاعدة فرض الزكاة في الإسلام إما أن تعتبر برأس المال فقط - زاد أو نقص أو بقى على حاله - ما دام قد مرَّ عليه عام،وذلك كزكاة النقود، وعروض التجارة، التي أوجب إخراج ربع العُشر منها، وإما أن تُعتبر بمقدار الدخل، دون نظر إلى رأس المال كزكاة الزروع والثمار التي أوجب فيها العُشر أو نصف العُشر، قال بعد ذلك :.
ونخلص من هذا إلى أن من له دخل لا يقل عن دخل الفلاح الذي تجب عليه الزكاة يجب أن يخرج زكاة مساوية، ولا عبرة البتة برأس المال ولا بما يتبعه من شرط.
فالطبيب والمحامى والمهندس والصانع وطوائف المحترفين والموظفين وأشباههم تجب عليهم الزكاة، ولا بد أن تخرج من دخلهم الكبير، ولنا على ذلك دليلان:
الأول: عموم النص في قول القرآن الكريم: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم)(البقرة: 267) ولا شك أن ربح الطبقات الآنفة الذكر كسب طيب يجب الإنفاق منه، وبهذا الإنفاق الواجب يدخلون في عداد المؤمنين الذين ذكر القرآن أنهم هم: (الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون) (البقرة 3).
والدليل الثاني: أن الإسلام لا يتصور في حقه أن يفرض الزكاة على فلاح يملك خمسة أفدنة (أقول: بل على الفلاح المستأجر الذي لا يملك قيراطًا واحدًا من الأرض إذا أغلت أرضه خمسين كيلة من الأذرة أو الشعير كما هو رأى الجمهور)، ويترك صاحب عمارة تدر عليه محصول خمسين فدانًا، أو يترك طبيبًا يكسب من عيادته في اليوم الواحد ما يكسبه الفلاح في عام طويل من أرضه إذا أغلت بضعة أرادب من القمح ضربت عليها الزكاة يوم الحصاد.
لا بد إذن من تقدير زكاة على أولئك جميعًا، وما دامت العلة المشتركة التي يناط بها الحكم موجودة في الطرفين، فلا ينبغي المراء في إمضاء هذا القياس وقبوله نتائجه.
وقد يقال: كيف نقدر الزكاة؟ وعلى أي نسبة تكون؟ والجواب سهل ؛ فقد قدر الإسلام زكاة الثمار بين العُشر ونصف العُشر، على قدر عناء الزارع في ري أرضه، فلتكن زكاة كل دخل على قدر عناء صاحبه في عمله.
ومن الممكن إيضاح التفاصيل وتفريع المسائل، وتحديد القيم، بعد أن يتقرر هذا الأصل الخطير، والأمر لا يستقل به تفكير واحد، بل يحتاج إلى تعاون العلماء والباحثين (الإسلام والأوضاع الاقتصادية ص 166- 168 - الطبعة الخامسة).
وهذا كلام جيد، يدل على فقه عميق لأصول الإسلام ومبادئه، والدليلان اللذان استند إليهما الأستاذ لا مطعن فيهما، فقد استدل بعموم النص القرآني، وبالقياس على المنصوص.
غير أن المنهج الذي سلكناه هنا في الاستدلال أقرب مأخذًا من منهج أستاذنا الغزالى، حيث لا خروج فيه على الإجماع، وإنما هو اختيار مما ذهب إليه بعض الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمة.
وإذا كان في ذلك خروج على المذاهب الأربعة المعتمدة فلم يجئ نص عن الله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أئمة المذاهب أنفسهم -رضى اللَّه عنهم- بوجوب اتباعهم وتقليدهم وتحريم الخروج عن اجتهادهم (راجع ما كتبناه في المقدمة عن القواعد التي التزمناها فى الاختيار والترجيح بين الأقوال) بل هم قد نهوا عن تقليدهم، كما ذكرنا ذلك في مقدمة الكتاب.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس