عرض مشاركة واحدة
 
  #62  
قديم 02-28-2011
الصورة الرمزية admin
admin admin غير متواجد حالياً
Administrator
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 14,425
افتراضي رد: ثناء ابن باز رحمه الله تعالى على كتـــــــــــــاب فقه الزكاة للشيخ العلامة القرضاوي

نصاب الزكاة في العمائر ونحوها


لم يعرض الأساتذة أصحاب هذا الرأي لموضوع النصاب الذي يجب توافره في غلة العمارة أو المصنع، كم هو؟ وكيف يُقدر؟ هل يُقدر بقيمة نصاب الزرع، وهو خمسة أوسق (خمسون كيلة مصرية) ؟ وهل يُعتبر أدنىالحبوب والثمار أو أوسطها أو أعلاها؟ -وقد يؤيد هذا المنزع أننا نقيس غلة المصنع على غلة الأرض- أم يُقدر النصاب بالنقود بما قيمته (85) جرامًا من الذهب، على اعتبار أن الذهب وحدة التقدير في كل العصور؟
لعل هذا هو الأقرب والأيسر، فإن الشارع اعتبر مَن ملك هذا القدر غنيًا، وأوجب عليه الزكاة، ولم يوجب على من ملك دون ذلك شيئًا من الزكاة.
وما دام مالك العمارة أو المصنع يقبض غلة ملكه نقودًا ؛ فالأولى أن يُقدر النصاب بالنقود.

المدة التي يعتبر فيها النصاب
وإذا كان لابد من اعتبار النصاب -لأنه الحد الأدنى للغنى في نظر الشارع- فما المدة التي يعتبر فيها النصاب؟ أيعتبر بالشهر؟ فكل غلة شهر يشترط فيها أن تبلغ نصابًا، أم يعتبر بالسنة ؟ فتُضم إيرادات الشهور بعضها إلى بعض، ويخرج منها الزكاة في رأس الحول إذا بلغت نصابًا، إن الاعتبار بالشهر له ميزة، وهى إعفاء ذوى الإيراد القليل من أصحاب الدور المتواضعة، التي لا يبلغ كراها في الشهر نصابًا، ففيه رفق بأرباب المال.
ولكن الاعتبار بالسن أنفع للفقراء والمستحقين، لما فيه من توسيع قاعدة الزكاة والأموال التي تجب فيه ؛ إذ في هذه الحال تجب على عدد أكبر، فإن ضم دخل الشهور بعضها إلى بعض حتى تبلغ النصاب يدخل في ممولي الزكاة عددًا أكبر.
ولعل هذا الاعتبار هو الأقرب، فإن دخل الفرد -كدخل الدولة أيضًا- يقدر بالسنة لا بالشهر، وقديمًا كانوا يؤجرون الدور بالسنة، ولهذا ذكرنا عن بعض الفقهاء الذين قالوا بتزكية المال المستفاد عند قبضه: إذا بلغ كراء الدار في السنة نصابًا زكى في الحال.
وفي الحال تعتبر غلات الشهور كالزرع أو النخل الذي يؤتي ثماره على دفعات، فيُضَم بعضها إلى بعض، كما هو مذهب أحمد ؛ قال في المغنى: "وتُضَم ثمرة العام الواحد بعضها إلى بعض، سواء اتفق وقت اطلاعها وإدراكها أم اختلف، فتقدم بعضها على بعض في ذلك، ولو أن الثمرة جُذَّت ثم طلعت الأخرى وجُذَّت ؛ ضُمت إحداهما إلى الأخرى، فإن كان له نخل يحمل في السنة حملين ؛ ضُمَّ أحدهما إلى الآخر" (المغنى 2/733).
وبذلك يكون حساب العمائر -كحساب المصانع نحوها- حسابًا واحدًا متشابهًا ؛ فإن المصانع تُصفى حسابها، وتعرف صافي إيرادها كل حول، لا كل شهر.

رفع النفقات والديون من الإيراد
والذي أختاره هنا: أن الزكاة تجب في صافى الإيراد، أي بعد رفع ما يقبل النفقات والتكاليف من أجور وضرائب ونفقات صيانة ونحوها، وكذلك رفع ما يقابل الديون التي تثبت صحتها، ورفع قدر النفقة هو ما ذهب إليه عطاء وغيره في الزرع والثمر، قال عطاء "ارفع نفقتك وزكِّ الباقي"، وهو الذي أيَّده ورجَّحه ابن العربى في شرح الترمذي.

إعفاء الحد الأدنى للمعيشة
وهنا بحث تتم به زكاة العمائر ونحوها، وذلك هو حكم إعفاء الحد الأدنى لمعيشة المالك وعياله، إذا لم يكن له مورد يعيش منه غيرها.
فهل تجب الزكاة في صافى الإيراد السنوي ؛ دون أن يقتطع له منه قدر ما يعيش به هو ومن يعوله في السنة ؛ وبتعبير فقهائنا: ما يحتاج إليه في حوائجه الأصلية؟
أم تجب في جملة الإيراد دون إعفاء شيء من ذلك؟
لا ريب أن من الناس من لا مورد لرزقه غير دار يؤجره، و مصنع صغير يديره بنفسه ،أو بمن ينوب عنه، وقد يكون هذا المصنع أو تلك الدار لشيخ كبير، أو أرملة، أو صبية أيتام ؛ فهل يُترك لهؤلاء وأمثالهم نصيب لمعيشتهم، وما لابد لهم منه، وتفرض الزكاة فيما بقى؟ أم تؤخذ الزكاة من جملة قيمة الإيراد كله؟
إن الذي يتفق وعدالة الإسلام أن يعفى ما يعتبر حدًا أدنى للمعيشة -في تقدير خبراء متدينين- وأن تجب الزكاة في الباقي من إيراد السنة إذا بلغ نصابًا، وهذا بالنسبة لمن ليس له إيراد آخر يكفيه حاجته، كمعاش أو راتب أونحوه، ودليلنا على ذلك أمران:
الأول: أن الفقهاء اعتبروا المال الذي يحتاج إليه صاحب حاجة أصلية كالمعدوم شرعًا، وشبهوه بالماء المستحق للعطش، يجوز التيمم مع وجوده ؛ لأنه مع الحاجة إليه اعتبر معدومًا.
الثاني: ما جاءت به الأحاديث -التي ذكرناها من قبل- من أمر الخارصين لثمار النخيل والأعناب بالتخفيف والتيسير على أرباب الثمار، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: "دعوا الثلث فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع" (أي يعفى من الزكاة هذا القدر توسعة على أرباب المال، وتقديرًا لحاجتهم إلى الأكل من الثمر رطبًا).
وقد يكون من الأضبط والأيسر إعفاء ثلث الإيراد أو ربعه ابتداء، واهتداء بروح الأحاديث المذكورة.
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
رد مع اقتباس