تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق
تفسير تفسير القرآن / ابن عربي (ت 638 هـ) مصنف و مدقق
{ اهدنا الصراط المستقيم } أي: ثبتنا على الهداية ومكّنا بالاستقامة في طريق الوحدة التي هي طريق المنعم عليهم بالنعمة الخاصة الرحيمية التي هي المعرفة والمحبة والهداية الحقانية الذاتية من النبيين والشهداء والصدّيقين والأولياء، الذين شاهدوه أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً، فغابوا في شهودهم طلعة وجهه الباقي عن وجود الظل الفاني.
{ غير المغضوب عليهم } الذين وقفوا مع الظواهر، واحتجبوا بالنعمة الرحمانية، والنعيم الجسمانيّ، والذوق الحسيّ عن الحقائق الروحانية، والنعيم القلبي، والذوق العقليّ كاليهود إذ كانت دعوتهم إلى الظواهر والجنان والحور والقصور، فغضب عليهم لأن الغضب يستلزم الطرد والبعد والوقوف مع الظواهر التي هي الحجب الظلمانية غاية البعد. { ولا الضالين } الذين وقفوا مع البواطن التي هي الحجب النورانية واحتجبوا بالنعمة الرحيمية عن الرحمانية، وغفلوا عن ظاهرية الحقّ، وضلّوا عن سواء السبيل، فحرموا شهود جمال المحبوب في الكلّ كالنصارى إذ كانت دعوتهم إلى البواطن وأنوار عالم القدّوس ودعوة المحمديين الموحدين إلى الكلّ، والجمع بين محبة جمال الذات، وحسن الصفات، كما ورد في القرآن الكريم:
{ وَسَارِعُوۤاْ إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ } [آل عمران3، الآية: 133]،
{ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَآمِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } [الحديد57، الآية: 28]،
{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } [النساء4، الآية: 36]،
فأجابوا الدعوات الثلاث. كما جاء في حقهم:
__________________
اللهم علمنا ما ينفعنا - وإنفعنا بما علمتنا
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه - وأرنا الباطل باطلا وأرزقنا إجتنابه
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
اللهم إجعل عملنا خالصا لوجهك الكريم
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبة وسلم
|