عرض مشاركة واحدة
 
  #7  
قديم 06-09-2009
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: مقتطفات من كتيب"حماة اللغة العربية"


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البلاغة والقرآن
البلاغة وأقسامها وهيئتها الحالية لم تكن كذلك قبل أن يتعهدها ويطورها أهل الكلام...والحق أن الدراسات البلاغية قامت على أيدي المعتزلة وبحثهم في إعجاز القرآن...ومصطلح "النظم" أول من أخرجه الى حيزالوجود والتداول هو الجاحظ ، وعلل به الإعجاز القرآني حتى قال:"( ولأن كبار المتكلمين ، ورؤساء النظارين كانوا فوق أكثر الخطباء ، وأبلغ من كثير من البلغاء ، وهم تخيروا تلك الألفاظ لتلك المعاني ، وهم اشتقوا لها من كلام العرب تلك الأسمـاء ، وهم اصطلحـوا على تسمية ما لم يكن له في لغة العرب اسم ، فصاروا في ذلك سلفا لكل خلف ، وقدوة لكل تابع ."اهـ
وألف كتابًا مستقلا سماه " نظم القرءان " ,ولكن الذي طوره وهذبه هو عبد القاهر الجرجاني حتى أخرج كتابيه"دلائل الإعجاز " و" أسرار البلاغة ".
ورغم هذا لم يصل علم البلاغة الى نضجه وتقسيماته وبيان الفوارق بينها إلا على يد الزمخشري فقسمه إلى ثلاثة أقسام:علم البيان,والمعاني والبديع.

لا سجع ولا شعر في القرآن:

الشعر كما عرف هو كلام موزون ومقفى يقوله صاحبه على وجه القصد...وعلى هذه فالقرآن الكريم لا يحوي شعرًا ولم يأت على وجه القصد شعرًا..وقد نفي الله سبحانه وتعالى الشعر عن القرآن ,يقول الله تعالى في سورة يس:"وَمَا عَلَّمْنَاهُالشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ ",
ولم يختلف علماء المسلمين في هذا...ولكن السجع؟ !!!
سجع لغة:استوىواستقام وأَشبه بعضه بعضاً؛ قال ذو الرمة:

قَطَعْتُ بها أَرْضاً تَرَى وَجْه رَكْبها =إذا ما عَلَوْها، مُكْفَأً غَيْرَ ساجِـعِ
وتقول العرب: سجَعَت الحمامة إذادَعَتْ وطَرَّبَتْ في صوتها,ورددت صوتها...
قال الشعر إبن دريد:

طربت فأبكتك الحمام السواجع = تميل بها ضحوا غصون نوائع
وقال الشاعر إبراهيم طوقان:

بيض الحمائم حسبهن = إني أردد سجعهـن
وأما إصطلاحًا فالسجع:هو موالاة الكلام على وزن واحد,قال ابن جني: سمي سَجعاً لاشتباه أَواخره وتناسب فَواصِلِه وكسَّرَه على سُجُوع، فلا أَدري أَرواه أَم ارتجله.
ذهب أكثر العلماء الى نفي السجع في القرآن ومنهم الإمام ابو الحسن الأشعري ,وذكر هذا في أكثر من موضع...وذهب فريق آخرالى وجود السجع في القرآن...
والحقيقة أن القرآن الكريم في أسلوبه المميزوبلاغته الفائقة لا يساويه شعر الشعراء ولا يضاهيه سجع الكهان...ولا يجوز في حق القرآن أن يحوي سجعًا وذلك لعدة أمور:
1.نهي الرسول عليه الصلاة والسلام عن السجع,فقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذين جاءوه وكلموه في شأن الجنين: "كيف نذي من لا شرب ولا أكل، ولا صاح فاستهل، أليس دمه قد يطل".
فقال: "أسجاعةكسجاعة الجاهلية"؟ وفي بعضها: أسجعاً كسجع الكهان" فرأى ذلك مذموماً لم يصح أن يكون في دلالته.فما دام مذمومُا في حق البشر فمن باب أولى أن يترفع الله سبحانه عنه,والرسول عليه الصلاة والسلام هو الذي تلقى القرآن وحيًا وهو أعلم بعدم وجودالسجع من غيره,وكما أنه لا يعقل أن ينهى عن شئ ويأتي به.
2.السجع من صفات وعلامات الكهان,وما قول الشاعر إبراهيم طوقان:

بيض الحمائم حسبهن = إني أردد سجعهـن

إلا دليل على أن همهمة وهدهلة الحمام من قبيل سجع الكهان,كما وأن القرآن نفى أن يكون رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام كاهناً ..ويأتي بكلام يشبه كلام الكهان من سجع وهمهمة وهدهلة...يقول الله تعالى فيسورة الطور:"فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ",ويقول في سورة الحاقة:"وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ".
3.السجع تلكلف,فالمتكلم يتكلف في إختيار اللفظ ليوافق آواخره مما يودي به الى البعد عن المعنى المقصود.
4.السجع يقهر الكلام والألفاظ ,فنرى المتكلم يشرق ويغرب كي يجعل كلامه على آواخر متشابه ظنًا منه أن له وقع على آذان السامعين,وهذه ايضًا من صفات الكهان..فهم يتوخون الألفاظ المنمقة والكلام المسجع للإيهام والتغرير...فهم كالحمائم تهمهم ولربما بكلام غير مفهوم.
5.لو كان في القرآن سجعًا لعارضوه...قال الباقلاني في كتابه "إعجاز القرآن":"فلو رأوا أن ما تُلِيَ عليهم من القرآن سجع لقالوا: نحن نعارضه بسجع معتدل، فنزيد في الفصاحة على طريقة القرآن، ونتجاوز حده في البراعة والحسن. ولا معنى لقول من قدر أنه ترك السجع تارة إلى غيره ثم رجع إليه، لأن ما تخلل بين الأمرين يؤذن بأن وضع الكلام غير ما قدروه من التسجيع، لأنه لو كان من باب السجع لكان أرفع نهاياته وأبعد غاياته".اهـ
6.ولو كان في القرآن سجعًا لأقروا القول بالصرفة...قال الباقلاني في نفس كتابه:"ولابد لمن جوز السجع فيه وسلك ما سلكوه منأن يسلم ما ذهب إليه النظّام، وعباد بن سلمان، وهشام الفوطي، ويذهب مذهبهم في أنهليس في نظم القرآن وتأليفه إعجاز، وأنه يمكن معارضته، وإنما صرفوا عنه ضرباً منالصرف. ويتضمن كلامه تسليم الخبط في طريقة النظم، وأنه منتظم من فرق شتى، ومن أنواع مختلفة، ينقسم إليها خطابهم، ولا يخرج عنها، ويستهين ببديع نظمه، وعجيب تأليفه،الذي وقع التحدي إليه.
وكيف يعجزهم الخروج عن السجع، والرجوع إليه، وقد علمناعادتهم في خطبهم وكلامهم، أنهم كانوا لا يلزمون أبداً طريقة السجع والوزن؟ بل كانوايتصرفون في أنواع مختلفة، فإذا ادعوا على القرآن مثل ذلك لم يجدوا فاصلة بين نظمي الكلامين".اهـ
ومن هذا كله نخرج بالقول الفصل” أن القرآن الكريم لا سجع فيهولا شعر".

آخر تعديل بواسطة سليم ، 06-14-2009 الساعة 12:39 AM
رد مع اقتباس