عرض مشاركة واحدة
 
  #5  
قديم 06-05-2009
سليم سليم غير متواجد حالياً
عضو مرابط
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 554
افتراضي رد: مقتطفات من كتيب"حماة اللغة العربية"

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمية العرب وأمية الرسول عليه الصلاة والسلام:
لقد تناقلت الأخبار عن العرب ما قبل الاسلام بأنهم كانواجهلة لا يعرفون الكتابة والقراءة وأنهم كانوابعيدين عن كل مدنية او حضارة آنذاك,والحق أن العرب كانواعلى علم ومعرفة بالحرف والكتابة والفلك والتاريخ,إلا أنهم كانوافعلاً في جاهلية دينية ولم يكن لهم كتاب سماوي,وكانت اليهود والنصارى _وخاصةاليهود_ يعتبرونهم من الغوييم أي الأميين _الذين لا كتاب سماوي عندهم.
والدليل على أنهم كانوا يعرفون الحرف والكتابة والتدوين,الأثار التي وجدت ومنها الشعرالمكتوب على قبر ملك الشعر إمرئ القيس,وأسواق الشعر _كعكاظ وذي المجنة وغيرها,والمعلقات التي دونت وكتبت بماء الذهب ,الأحلاف والعهود التي كانوايعقدوها ويبرموها ومآثرهم في الغزو والسبي والقتال فيما بينهم,وقد برع كثير منهم ,فهذا أمية بن أبي الصلت وورقة بن نوفل ,وكذلك كتبة الوحي بعد البعثة وطلب الرسول عليه الصلاة والسلام من أسرى بدر تعليم أبناءالمسلمين...فهذا كله يدل على أنه كان منهم من يجيد الكتابة والقراءة,فهم لم يكونوا أميين بالكلية,وكانوا على معرفة بالفلك والحساب ,وهم لم ينكروا على القرآن عندما ذكر النجوم في قوله تعالى:" فَلَاأُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ *الْجَوَارِ الْكُنَّس",وقوله تعالى:" وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ *وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ *النَّجْمُ الثَّاقِبُ",فهم كانوا يعرفون النجوم وأسماءها ومواقعها,وكانوا يهتدون بها في ترحالهم وتجارتهم ,وكانوا يعرفون الحساب والسنين,والأيام والشهور والفصول ,فالله سبحانه وتعالى يقول :" إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاء وَالصَّيْفِ".واما موضوع الأمية ومعناها في القرآن فإليك التفصيل:
لقد وردت لفظة أُمي في القرآن الكريم في ستة مواقع وهي:
1."وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكِتابَ إِلاَّ أَمَانيَّ وَأَنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ"سورة البقرة/ 78.
2."الَّذينَ يَتَّبعُونَ الرَّسُولَ النَّبيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوراةِوالإِنجِيلِ"سورة الأعراف/ 157
3."فَأَمِنُوابِاللهِ وَرَسُولهِ النَّبِّي الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلمَاتِهِ وَاتَّبعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" سورة الأعراف/ 158.
4."فَإنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمتُ وَجْهِيَ للهِوَمَنِ اتَّبعَنِ وَقُل للَّذِينَ أُوتُوا الكِتابَ وَالأُمِّيِّينَ أأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلمُوا فَقَدِ اهْتدَوا وَّإِن تَولَّوا فَإِنَّمَا عَليْكَ البَلاغُواللهُ بَصيرٌ بِالعِبَادِ"سورة آل عمران/ 20.
5."ذَلكَ بِأَنَّهُم قَالُوا لَيْسَ عَليْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"سورة آل عمران/ 75.
6."هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاًمِّنْهُم يَتْلُوا عَلَيْهَم آيَاتهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَوَالحِكمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ"سورة جمعة/ 2.
قال الاصفهاني:"والأمي: هو الذي لا يكتب ولا يقرأ من كتاب",وقالايضًا:"الأمية: الغفلة والجهالة، فالأمي منه، وذلك هو قلة المعرفة"..قال الفراء: همالعربالذين لم يكن لهم كتاب,قيل: منسوب إلى الأمةالذين لم يكتبوا، لكونه على عادتهم كقولك: عامي، لكونه على عادة العامة، وقيل: سميبذلك لأنه لم يكن يكتب ولا يقرأ من كتاب، وذلك فضيلة له لاستغنائه بحفظه، واعتماده على ضمان الله منه بقوله: "سنقرئك فلا تنسى"[الأعلى/6].
وقيل: سمي بذلك إلى أم القرى.
من الواجب ملاحظتة ان الآيات التي تذكر النبي محمد عليه الصلاةوالسلام وتصفه بأنه أُمي فإن معناه هنا هو الذي لا يجيد الكتابة ولا القراءة,وذلك أنه عليه الصلاة والسلام كان أُميًا لا يعرف الكتابة ولا القراءة بشهادة القرآن حيث يقول الله تعالى:"وَمَا كُنتَ تَتْلُوا مِن قَبْلهِ مِنكِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَميِنكَ إِذاً لاَّرْتَابَالمُبْطِلُونَ"العنكبوت/48.
واما الآيات التي تذكرالعرب بوصفهم أميين...فهذايحمل على معنى أن لا كتاب سماوي كان لهم,ولأن الآيات تبين الفرق بين العرب واليهود والنصارى أهل الكتاب.
فمثلاً في سورةالبقرة:"وَمِنْهُم أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكِتابَ إِلاَّ أَمَانيَّ وَأَنْهُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ",فالمقصود بالأميين هنا هم اليهود ,قال الزمخشري:"وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ " لا يحسنون الكتب فيطالعوا التوراة ويتحققوا مافيها. { لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } التوراة { إِلاَّ أَمَانِىَّ } إلا ما هم عليه من أمانيهم، وأن الله يعفو عنهم ويرحمهم ولا يؤاخذهم بخطاياهم، وأن آباءهمالأنبياء يشفعون لهم وما تمنيهم أحبارهم من أن النار لا تمسهم إلا أياماً معدودة".وقال الرازي:"اعلم أن المراد بقوله: { وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ } اليهود لأنه تعالى لما وصفهم بالعناد وأزال الطمع عن إيمانهم بين فرقهم، فالفرقة الأولى هي الفرقة الضالة المضلة، وهم الذين يحرفون الكلم عن مواضعه. والفرقة الثانية: المنافقون، والفرقة الثالثة: الذين يجادلون المنافقين، والفرقة الرابعة: هم المذكورون في هذه الآية وهم العامة الأميون الذين لا معرفة عندهم بقراءة ولا كتابة وطريقتهم التقليد وقبول ما يقال لهم، فبين الله تعالى أن الذين يمتنعون عن قبول الإيمان ليس سبب ذلك الامتناع واحداً بل لكل قسم منهم سبب آخر ومن تأمل ما ذكرهالله تعالى في هذه الآية من شرح فرق اليهود وجد ذلك بعينه في فرق هذه الأمة، فإن فيهم من يعاند الحق ويسعى في إضلال الغير وفيهم من يكون متوسطاً، وفيهم من يكون عامياً محضاً مقلد",واما إبن عاشور فقد قال:"والمعنى كيف تطمعون أن يؤمنوا لكم وقدكان فريق منهم محرفين وفريق جهلة وإذا انتفى إيمان أهل العلم منهم المظنون بهم تطلب الحق المنجي والاهتداء إلى التفرقة بينه وبين الباطل فكانوا يحرفون الدين ويكابرون فيما يسمعون من معجزة القرآن في الإخبار عن أسرار دينهم فكيف تطمعون أيضاً في إيمان الفريق الأميين الذين هم أبعد عن معرفة الحق وألهى عن تطلبه وأضل في التفرقة بينالحق والباطل وأجدر بالاقتداء بأئمتهم وعلمائهم فالفريق الأول هم الماضون. وعلى هذا فجملة { ومنهم أميون } معطوفة على جملة { وقد كان فريق منهم } إلخ باعتبار كونها معادلاً لها من جهة ما تضمنته من كونها حالة فريق منهم وهذه حالة فريق آخر".اهـ

أمية الرسول عليه الصلاة والسلام:

مسألة أُثيرت في السابق وتُثارالآن ألا وهي مسألة معرفة النبي عليه الصلاة والسلام القراءة والكتابة ,وقد قرأت عدة مقالات لكل من الطرفين (مؤيد ومعارض)...والحجة التي يراها المعارضون لأمية النبي ويدورون حولها هي كيف يكون النبي عليه السلام أميًا ففي هذه منقصة وعيب...والحق أن الأمية في حق سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام شرفًا وتعظيمًا ورفعة وفي حق غيره عيب ونقصان.
والأميّة وصف خص الله به من رسله محمداً، إتماماً للإعجاز العلمي العقلي الذي أيده الله به، فجعل الأمية وصفاً ذاتياً له، ليتم بها وصفه الذاتي وهوالرسالة، ليظهر أن كماله النفساني كمالٌ لدُنّي إلهي، لا واسطة فيه للأسباب المتعارفة للكمالات، وبذلك كانت الأمية وصف كمال فيه، مع أنها في غيره وصف نقصان،لأنه لمّا حصل له من المعرفة وسداد العقل ما لا يحتمل الخطأ في كل نواحي معرفةالكمالات الحق، وكان على يقين من علمه، وبينة من أمره، ما هو أعظم مما حصل للمتعلمين، صارت أميته آية على كون ما حصل له إنّما هو من فيوضات إلهية.
وقبل خوض غمار هذا الموضوع من الواجب بيان معنى الأمي ونعت قوم بها أوأفراد...
وهذا ملخص ما جاء في المعاجم من معنى لفظة أمي:
1.الأمي: الذي لا يعرف الكتابة والقراءة، قيل هو منسوب إلى الأم أي هو أشبه بأمه منه بأبيه، لأن النساء في العرب ما كُنّ يعرفن القراءة والكتابة، وما تعلمْنها إلاّ في الإسلام، فصار تعلم القراءة والكتابة من شعار الحرائر دون الإماء كما قال عُبيْد الراعي، وهو إسلامي:أما الرجال ففيهم من يقرأ ويكتب.
2. منسوب إلى الأمّة أي الذي حاله حال معظم الأمة، أي الأمة المعهودة عندهم وهي العربية، وكانوا في الجاهلية لايعرف منهم القراءة والكتابة إلاّ النادر منهم، ولذلك يصفهم أهلُ الكتاب بالأُمييّن،لما حكى الله تعالى عنهم في قوله: "ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأُميين سبيل" آل عمران ,75.
3.ومن معانيها:العَيُّ الجِلف الجافي القليل الكلام .
4.ومن معانيها على أطلاق الجمع:الأمة التي لم ينزل عليها كتاب من عند الله,واليهود اطلقوها على العرب لعدم نزول كتاب سماوي عليهم.
هذه هي معاني الأمي والأميين.
والآيات التي جاءت في القرآن الكريم وورد هذا النعت على صنفين:الأول بصيغة الجمع ,والثاني بصيغة المفرد وفي حق سيدنا محمد عليه الصلاةوالسلام.
الآيات من الصنف الأول:
1."فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْالْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْوَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌبِالْعِبَادِ",آل عمران20.
2."وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِمَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِماً ذَلِكَبِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَعَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "آل عمران 75.
3."هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُوعَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَوَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "لجمعة2.
هذه هي الآيات التي وردت فيها صفة الأميين على الجمع...ومعنى أميين هنا هو القوم الذي لا كتاب سماوي له ولم ينزل عليهم كتب من عند الله,لأنه ليس من العقل أن نصف قومًا بالأمية بمعنى عدم القراءة والكتابة,كما لايجوز عقلًا أن نصف قومًا أنهم موتى ,فنقول قوم ميت لأنها من الصفات الفردية ,فعند إطلاق مثل هذا الصفات يخصص أو يبعض المقصود كما في قوله تعالى في سورة البقرة:"وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَالْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ ",هنا"وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ " أي بعضهم وليس كلهم وعقب بقوله تعالى مبينًا حالهم" لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ "...قال الرازي:"المسألة الأولى: اختلفوافي الأمي فقال بعضهم هو من لا يقر بكتاب ولا برسول. وقال آخرون: من لا يحسن الكتابةوالقراءة وهذا الثاني أصوب لأن الآية في اليهود وكانوا مقرين بالكتاب والرسول ولأنه عليه الصلاة والسلام قال: " نحن أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " وذلك يدل على هذاالقول، ولأن قوله: { لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ } لا يليق إلا بذلك.
وأما الآيات الوارد فيها لفظ أمي بصيغة المفرد:
1."الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمبِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِوَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُوَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }الأعراف157
2."قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّيرَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِلا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }الأعراف158
في هاتين الآيتين وصف الله سبحانه وتعالى رسولنا الكريم أنه أمي,وهذه صفته أي أمي ومن بعد إستعراض معاني الأمي يتضح لنا أن المقصود من هذه اللفظة في حق سيدنا محمد عليه الصلا ة والسلام هو أنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة,فهي صفة ونعت لفرد ويمكن أن تجعل هذه الصفات لفرد لظهورها فيه,فسيدنا محمد عليه الصلاة والسلام كان أميًا لم يخط بيمينه ولم يقرأ كتابًا.
كما ويلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قد كرر ثلاثة صفات في الآيتين: رسول ونبي وأمي,وهذا التكرار ما هو إلا تأكيدًا على أن هذه الصفات فيه,فهو رسول أرسله الله ونبي بعثه الله وأمي لا يعرف القراءة والكتابة.يقول الله تعالى في سورةالعنكبوت:"وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَاتَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ".قال إبن عاشور في تفسيره هذه الآية:"ومعنى: { ما كنت تتلو من قبله من كتاب } أنك لم تكن تقرأ كتاباً حتى يقول أحد: هذا القرآن الذي جاء به هو مما كان يتلوه منقبل.
و { لا تَخُطُّهُ } أي لا تكتب كتاباً ولو كنت لاتتلوه، فالمقصود نفي حالتي التعلم، وهما التعلم بالقراءة والتعلّم بالكتابة استقصاء في تحقيق وصف الأمية فإن الذي يحفظ كتاباً ولا يعرف يكتب لا يُعدّ أمياً كالعلماء العمي، والذي يستطيع أن يكتب ما يُلقى إليه ولا يحفظ علماً لا يُعدّ أمياً مثل النُسَّاخ فبانتفاء التلاوة والخط تحقق وصف الأمية.اهـ
وهذا كلام متين ,فالله سبحانه وتعالى نفى أن يكون رسولنا الكريم قارئًا كما ونفى أن يكون كاتبًا...وفي هذه حجة دامغة على إثبات وتحقق وصف الأمية.
ومن الأدلة التي يستدل بها القائلون بعدم أميته ..قول الله تعالى في سورة العلق:"أقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَٱلَّذِي خَلَقَ "..فيقولون أنه من العبث أن يطلب الله من أحد أن يفعل ما هوليس به...وكلامهم هذا يدل على عدم إلمام بمعنى كلمة إقرأ...قال إبن عاشور:"وافتتاح السورة بكلمة { اقرأ } إيذان بأن رسول الله سيكون قارئاً، أي تالياً كتاباً بعد أن لم يكن قد تلا كتاباً :{ وما كنت تتلوا من قبله منكتاب }[العنكبوت: 48]، أي من قبل نزول القرآن، ولهذا " قال النبي لجبريل حين قال له اقرأ: "ما أنا بقارىء",وفي هذا الافتتاح براعة استهلال للقرآن.
وقوله تعالى: { اقرأ } أمر بالقراءة، والقراءة نطق بكلام معيَّن مكتوبٍ أو محفوظٍ على ظهر قلب.اهـ
ويدل عليه قول الله تعالى:"فإذا قرأت القرآن فاستعذ باللَّه من الشيطان الرجيم ",فليس كل من يقرأ يجب عليه ان يقرأ من الكتاب..بل يمكن أن يقرأ من ذاكرته,ونحن في صلاتنا نقرأ القرآن دون النظر في الكتاب.
ومن استدلالتهم ما ورد في قول رسول الله وجعه يوم الخميس ، فقال : ( ائتوني بكتاب أكتبلكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) . فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبي تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله ؟ قال : ( دعوني ، فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه ) . وأوصى عندموته بثلاث : ( أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم ) . ونسيت الثالثة.
فهذا لا يدل على أنه كتب بيده,فمن عادة الرؤساء أن يقولوا أتونا أكتب لكم قانونًا أو وصية على المجاز أي بأمره أن يكتب كاتبه أوغيره,والله سبحانه وتعالى استعمل هذا الأسلوب, يقول الله تعالى:"وَاكْتُب ْلَنَا فِي هَـذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَـا إِلَيْكَقَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍفَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُمبِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ"...هل هنا قام الله عز وجل بكتابة الحسنات أوالملائكة...طبعًا الملائكة...وسياق الحديث من مثاله.
ثم أن زيد بن ثابت قال : فقدت آية من سورة كنت أسمع رسول الله يقرؤها : { من المؤمنين رجالصدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه } [ الأحزاب : 23 ] فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت أو أبي خزيمة فألحقتها في سورتها . قال الزهري : فاختلفوا يومئذ في التابوت والتابوه ، فقال القرشيون : التابوت وقال زيد : التابوه ، فرفعاختلافهم إلى عثمان فقال : اكتبوه التابوت ، فإنه نزل بلسان قريش ، قال الزهري : فأخبرني عبد الله بن عبد الله عتبة أن عبد الله بن مسعود كره لزيد بن ثابت نسخ المصاحف ، وقال : يا معشر المسلمين ، أعزل عن نسخ كتابة المصاحف ، ويتولاها رجل ،والله لقد أسلمت وإنه لفي صلب رجل كافر يريد زيد بن ثابت ولذلك قال عبد الله بنمسعود : يا أهل القرآن اكتموا المصاحف التي عندكم وغلوها ، فإن الله يقول : { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة } [ آل عمران : 161 ] فالقوا الله بالمصاحف ، قال الزهري : فبلغني أن ذلك كرهه من مقالة ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله .هنا ظهر الإختلاف في الكتابة,فلو كان سيدنا محمد يعرف القراءةوالكتابة لكان لاحظها او كتبها بصورة صحيحة.

آخر تعديل بواسطة سليم ، 06-14-2009 الساعة 12:41 AM
رد مع اقتباس