قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ
قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ
{ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } [ 191 / آل عمران 3 ] . . ويقول تعالى : { وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [ 12 / يونس / 10 ] . إنَّ في الآية الكريمة الأولى تبيان لهيئات حال الذاكر . وفي الآية الثانية تبيان لهيئات حال المضرور الداعي . فلماذا اختلف الترتيب في الآيتين ، وماذا يوجد من ضروب البلاغة في الآيتين ؟ الآية الأولى : تذكر حال الذاكرين وهم أصحاء أقوياء ، فهم يذكرون الله وهم قيامٌ فقعودٌ فعلى جنوبهم . وفي الآية الثانية : تبين الآية حال الذاكرين وهم في حالة المرض والإعياء ، وتترتب الرخصة في ذكر المريض لله ابتداءً على جنبه ، فإذا قوي قليلاً فقاعداً فإذا قوي وتماثل للشفاء فقائماً . وهذا ما يسمى في علم البديع بصحة الأقسام . وهو أن يستوفي النص جميع أقسام الشيء المُتحدث عنه بحيث لا يترك قسماً إلا وذكره . وهنا لم يترك سبحانه قسماً من أقسام الهيئات حتى أتى به . وقد وقعت ــ كما ذكرنا آنفاً ـــ بين ترتيب الآيتين مغايرة أوجبتها البلاغة ، فتضمن الكلام بها الائتلاف ، وذلك أن الذكر تجب فيه تقديم القيام لأن المراد به الصلاة ــ والله أعلم ــ والقيام فيها للمستطيع ، والقعود بعده عند العجز عن القيام ، والاضطجاع عند العجز عن القعود . والضر يجب فيه تقديم الاضطجاع ، وإذا زال بعد الضر قعد المضجع ، وإذا زال كل الضر قام القاعد فدعا ، لتتم الصحة ، وتكتمل القوة ، ويحصل التصرف . فحصل حُسن الترتيب، وائتلاف الألفاظ بمعانيها ، وترجح مجيء ( أو ) على مجيء ( الواو ) ، لما تدل عليه من تعدد المضطرين دون الواو . |
جميع الأوقات بتوقيت GMT +3. الساعة الآن 07:14 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.2
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.