منتدى المسجد الأقصى المبارك - ***خواطر نورانية من قول الحق سبحانه "مثقال ذرة***

http://www.stocksvip.net/p/ps/(8).gif

***خواطر نورانية من قول الحق سبحانه "مثقال ذرة***
بقلم : محمد خطاب

قال تعالى بسورة الزلزلة "فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه"
قبل أن أسرع في ذكر بعض نفحات النور في هاتيين الآيتين لابد أن نوضح أن هاتين الآيتين الكريمتين يلتبس فهمهما على كثير من الناس رغم أهمية فهمهما لما فيهما من تبيين عظيم رحمة الله سبحانه وتعالى .فيكون المدخل توضيح سبب نزولهما و المقصود منهما قال مقاتل في تبيين سبب نزول الأيتين: نـزلت في رجلين كان أحدهما يأتيه السائل فيستقلّ أن يعطيه الثمرةوالكسرة والجوزة، ويقول: ما هذا بشيء، وإنما نؤجر على ما نعطي ونحن نحبه، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير الكذبة والغيبة والنظرة ويقول: ليس عليّ من هذا شيء،إنما أوعد الله بالنار على الكبائر، فأنـزل الله عز وجل يرغّبهم في القليل من الخيرفإنه يوشك أن يكثر، ويحذرهم اليسير من الذنب فإنه يوشك أن يكثر:"فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه"
ولقد إجتهد المفسرون في توضيح المعنى المقصود منهما فقال ابن عباس رضي الله عنهما في الآيتين ليس مؤمن ولا كافر عمِل خيرا ولا شرا في الدنيا, إلا آتاه الله إياه. فأما المؤمن فيريه حسناته وسيئاته, فيغفر الله له سيئاته. وأما الكافر فيردّ حسناته, ويعذّبه بسيئاته. وقيل في ذلك غير هذا القول, فقال بعضهم: أما المؤمن, فيعجل له عقوبة سيئاته فيالدنيا, ويؤخِّر له ثواب حسناته, والكافر يعجِّل له ثواب حسناته, ويؤخر له عقوبةسيئاته
وقال الإمام الطبري : فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير, يرى ثوابه هنالك ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )يقول: ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه هنالك, وقيل: ومن يعمل والخبرعنها في الآخرة, لفهم السامع معنى ذلك, لما قد تقدم من الدليل قبل, على أن معناه: فمن عمل; ذلك دلالة قوله "يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ " على ذلك. ولكن لما كان مفهوما معنى الكلام عند السامعين، وكان في قوله: ( يَعْمَلْ ) حث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله, والزجر عن معاصيه, مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك, على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله, وما لهم على ذلك, أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل. وبنحو الذي قلنا من أن جميعهم يرون أعمالهم.
وقال الإمام بن كثير يعني: وزن أصغر النمل (خَيْرًا يَرَهُ ) يعني: في كتابه، ويَسُرُّه ذلك. قال: يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة سيئة واحدة. وبكل حسنة عشر حسنات، فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمنين أيضًا، بكل واحدة عشر، ويمحو عنه بكل حسنة عشر سيئات، فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة، دخل الجنة.
وبعد ما أوردناه من كلام المفسرين عن الآيتين يتبادر إلى الذهن قول النبي صلى الله عليه وسلم :"لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلق أخاك بوجه طلق " فلا تدري لعلها تقبل.
وكم كان صلى الله عليه وسلم يحض على الخير وإن كان صغيراً كقوله صلى الله عليه وسلم :" إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك" وقوله عليه الصلاة والسلام : "لاتحقرن جارةلجارتها ولو فرسن شاة"
وأحيانا أخرى تراه صلى الله عليه وسلم يبين عظيم أجر أعمال من الخير قد يستصغرها الناس ولكنها كانت سببا في نزول الرحمة الربانية على بعض خلقه ممن قاموا بتلك الأشياء ومثال ذلك ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه أن أمنا عائشة كان عندها ثلاث تمرات فأتتها سائلة مع إبنتيها فأعطتها إياها فأعطت ابنتيها كل واحدةتمرة ثم أرادت أن ترفع إلى فيها تمرة فاستطعمتها ابنتاها فشقتها نصفين فأعطت كل واحدة نصف تمرة فأعجب أمنا عائشة شأنها فأخبرت النبي عليه الصلاة والسلام فقال: "من ابتلي من هؤلاء البنات بشيء كن له سترا من النار" وفي لفظ: "إن الله قد أوجب لها الجنة وحرم عليها النار"
وليس ذبلك في جانب الرحمة فقط بل في الجانب الأخر كما صح عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار فيذباب». قالوا: وما الذباب؟ فرأى ذبابا على ثوب إنسانفقال: هذا الذباب. قالوا: وكيف ذلك؟ قال: مر رجلان مسلمان على قوم يعكفون على صنم لهم لا يجاوزه أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لهما: قربا لصنمنا قربانا.قالا: لا نشرك بالله شيئاً.قالوا: قربا ما شئتما، ولوذباباً. فقال أحدهما لصاحبه: ما ترى؟ قال أحدهما: لاأشرك بالله شيئاً. فقتل فدخل الجنة. فقال الآخر: بيده على وجهه فاخذ ذباباً فالقاه على الصنم فخلوا سبيله فدخل النار.
اللهم نسألك الحياة والموت على الإسلام والإيمان

كتبه : محمد خطاب