قوله تعالى: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ زعم قوم منهم ابن منبه
والسدي، ومقاتل بن سليمان، أنها منسوخة بقوله: وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ
آمَنُوا وهذا قبيح، لأن الآيتين خبر، والخبر لا ينسخ، ثم ليس بين الآيتين تضاد؛
لأن استغفارهم للمؤمنين استغفار خاص لا يدخل فيه إلا من اتبع الطريق المستقيم
فلأولئك طلبوا الغفران والإعاذة من النيران وإدخال الجنان.
واستغفارهم لمن في الأرض لا يخلو من أمرين: إما أن يريدوا به الحلم عنهم والرزق
لهم، والتوفيق ليسلموا، وإما أن يريدوا به من في الأرض [من] المؤمنين فيكون
اللفظ عاما والمعنى خاصا، وقد دل على تخصيص عمومه قوله: وَيَسْتَغْفِرُونَ
لِلَّذِينَ آمَنُوا "والدليل الموجب" لصرفه عن العموم إلى الخصوص أن الكافر لا
يستحق أن يغفر له فعلى هذا البيان لا وجه للنسخ، وكذلك قال قتادة
وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ قال: للمؤمنين منهم وقال أبو الحسين بن
المنادي في الكلام مضمر، تقديره: لمن في الأرض من المؤمنين، وقال أبو جعفر
النحاس: يجوز أن يكون وهب بن منبه [أراد أن] هذه الآية على نسخ تلك الآية، لأنه
لا فرق بينهما. |